ولم يؤخر صلاة عن وقتها ولا صلى إلا في جماعة وكان إذا عزم على أمر توكل على الله ولا يفضل يوماً على يوم وكان كثير سماع الحديث النبوي وقرأ مختصراً في الفقه تصنيف سليم الرازي وكان حسن الخلق صبوراً على ما يكرهه كثير التغافل عن أصحابه يسمع من أحدهم ما يكرهولا يعلمه بذلك ولا يتغير عليه. كان يوماً جالساً فرمى بعض المماليك بعضاً بالسر موزة فأخطأته ووصلت إلى السلطان ووقفت بالقرب منه فالتفت إلى الجهة الأخرى ليتغافل عنها وكان طاهر المجلس فلا يذكر أحداً بمجلسه إلا بخير وطاهر اللسان فما ولع يشتم قط. قال العماد الكاتب: مات بموت السلطان الرجال. وفات بفواته الأفضال. وغاضت الأيادي. وفاضت الأعادي. وانقطعت الأرزاق. وادلهمت الآفاق. وفجع الزمان بواحده وسلطانه. ورزئ الإسلام بمشيد أركانه.
[ذكر ما استقر عليه الحال بعد وفاة السلطان]
ولما توفي السلطان الملك الناصر صلاح الدين استقر في الملك بدمشق وبلادها المنسوبة إليها ولده الملك فيصل نور الدين علي وبالديار المصرية الملك العزيز عثمان وبحلب الملك الظاهر غياث الدين غازي وبالكرك والشوبك والبلاد الشرقية الملك العادل سيف الدين أبو بكر بن أيوب وبحماة وسلمية والمعرة ومنبج وقلعة نجم الملك المنصور ناصر الدين محمد ابن الملك المظفر تقي الدين عمر وببعلبك الملك الأمجد مجد الدين بهرام شاه بن فرخشاه بن شاهنشاه بن أيوب وبحمص والرحبة وتدمر شيركوه بن محمد بن شيركوه بن شاذي وبيد الملك خضر بن السلطان صلاح الدين بصرى وهو في خدمة أخيه الملك الأفضل وبيد جماعة من أمراء الدولة بلاد وحصون منهم سابق الدين عثمان ابن الداية بيد شيزر وأبو قبيس وناصر الدين بن كورس بن خماردكين بيده صهيون وحصن برزية وبدر الدين دلدرم بن بهاء الدين ياورق بيده تل باشر وعز الدين سامة بيده كوكب وعجلون وعز الدين إبراهيم بن شمس الدين المقدم بيد بغراس وكفرطاب وفامية.