ثم دخلت سنة خمس وسبعين وخمسمائة وفيها سار السلطان وفتح حصناً كان بناه الإفرنج عند مخاضة الأجران بالقرب من بانياس عند بيت يعقوب، وفيها كان حرب بين عسكر السلطان ومقدمهم تقي الدين عمر بن شاهنشاه بن أيوب وبين عسكر قليج أرسلان صاحب الروم. وسببها أن حصن رعبان كان بيد شمس الدين بن المقدم فطمع فيه قليج وأرسل إليه عسكراً كثيراً ليحصروه وكانوا قريب عشرين ألفاً وسار إليهم تقي الدين في ألف فارس فهزمهم وكان تقي الدين يفتخر ويقول هزمت بألف عشرين ألفاً.
[ذكر وفاة المستضيء وخلافة الإمام الناصر وهو رابع ثلاثينهم]
في هذه السنة في ثاني ذي القعدة توفي المستضيء بأمر الله أبو محمد الحسن وأمه أم ولد أرمينية وكانت خلافته تسع سنين وسبعة عشر يوماً وكان حسن السيرة وكان قد حكم في دولته ظهير الدين أبو بكر المنصور المعروف بابن العطار بعد عضد الدولة الوزير فلما مات المستضيء قام ظهير الدين بن العطار وأخذ البيعة لولده الإمام الناصر لدين الله ولما استقرت البيعة للإمام الناصر حكم أستاذ الدار مجد الدين أبو الفضل وقبض في سابع ذي القعدة على ابن العطار ونقل إلى التاج وأخرج ميتاً على رأس حمال ليلة الأربعاء ثاني عشر ذي القعدة فثارت به العلقة وألقوه من على رأس الحمال وشدوا في ذكره حبلاً وسحبوه في البلد وكانوا يضمون في يده مغرفة يعني أنها قلم وقد غمست تلك المغرفة في العذرة ويقولون وقع لنا يا مولانا. هذا فعلهم به مع حسن سيرته فيهم وكفه عن أموالهم ثم خلص منهم ودفن.
وفي هذه السنة في ذي القعدة نزل توران شاه أخو السلطان عن بعلبك فطلب عوضها الإسكندرية فأجابه السلطان إلى ذلك وأقطع بعلبك لعز الدين فخرشاه بن شاهنشاه بن أيوب فسار إليه فخر شاه وسار شمس الدولة توران شاه إلى الإسكندرية وأقام بها إلى أن مات.