ثم سار يريد كوكب فنزل على الجبل وجرد العسكر وأحدق بالقلعة وضايقها بالكلية بحيث اتخذ له موضعاً يتجاوز نشاب العدو ونباله حائطاً من حجر وطين يستتر وراءه حتى لا يقدر أحد يقف على باب خيمة إلا إن كان ملبساً وكانت الأمطار متواترة والوحول عظيمة وعانى شدائد وأهوالاً من شدة الرياح وتراكم الأمطار وكون العدو مسلطاً عليهم بعلو مكانه وقتل وجرح جماعة ولم يزل راكباً مركب الجد حتى تمكن من النقب من سورها، ولما أحس العدو المخذول أنه مأخوذ طلب الأمان فأجابهم إلى ذلك وأمنهم وتسلمها في منتصف ذي القعدة ونزل على الفور إلى الثقل وكان قد أنزله من شدة الوحل والريح في سطح الجبل فأقام بقية الشهر يراجعه أخوه الملك العادل في أشغال شخصية حتى هل هلال ذي الحجة وأعطى الجماعة دستوراً وسار مع أخيه يريد القدس لزيارته ووداع أخيه فإنه عائداً إلى مصر فوصلا إليه يوم الجمعة ثامن ذي الحجة وصلينا الجمعة في قبة الصخرة الشريفة وصلينا صلاة العيد الأعظم بها أيضاً يوم الأحد وسار حادي عشر طالباً عسقلان لينظر في حالها فأقام بها أياماً يلم شعثها ويصلح أحوالها فودع أخاه وأعطاه الكرك وأخذ منه عسقلان وعاد يطلب عكا على طريق الساحل ويمر على البلاد يتفقد أحوالها ويودعها الرجال والعدد حتى أتى عكا فأقام بها معظم محرم سنة خمسة وثمانين ورتب بها بهاء الدين قراقوش والياً وأمره بعمارة السور والإطناب فيه ومعه حسام الدين