عسقلان وطريق إلى بيت جبرين وإلى غير ذلك من الحصون الإسلامية، ولما بلغ السلطان ذلك أمر العساكر أن سارت نحوه، فخرج أبو الهيجاء السمين وبدر الدين دلدرم وابن المقدم، وتتابعت العسكر وتخلف هو في القدس لنوع التياث كان عرض له، فلما أحس العدو المخذول بظهور العساكر الإسلامية عاد خائباً خاسراً ناكصاً على عقبيه، ووصلت الكتب من الأمراء مخبرين برحيل العدو إلى عسقلان.
[ذكر تعبية العدو لقصد القدس الشريف]
ولما كان يوم السبت الثالث والعشرين من جمادى الأولى وصل قاصد من العسكر يخبر أن العدو قد خرج في راجله وفارسه وسواد عظيم وخيم على تل الصافية، فسير السلطان إلى العساكر الإسلامية ينذرها ويحذرها، واستدعى الأمراء جريدة إليه ليعقدوا رأياً فيما يقع العمل بمقتضاه، فوصل، ورحل العدو من تل الصافية إلى جانب النطرون فنزل شماليه، وذلك في السادس عشر من جمادى الأولى، وكانت قد سارت من عرب الإسلام جماعة للغزاة على يافا فوصلوا بليل من غير علم بحركة العدو، فنزلوا في بعض الطريق يقسمون، فوقعت عليهم عساكر العدو فأخذوهم وهرب منهم ستة نفر فوصلوا إلى السلطان وأخبروه الخبر، ووصلت الجواسيس وتواترت الأخبار من جانب العدو أنه مقيم بالنطرون لنقل الأزواد والآلات التي تدعو الحاجة إليها في الحرب فإذا حصل عندهم ما يحتاجون إليه قصدوا القدس الشريف حرسه الله تعالى. وفي يوم الأربعاء وصل منهم رسول صحبته غلام كان للمشطوب عندهم يحدث في معنى قراقوش ويتحدث في معنى الصلح.