ولما كان آخر السادس والعشرين وصل شيركوه بن باخل وهو من جملة الأمراء المأسورين بعكا وكان من قصته أنه هرب ليلة الحادي والعشرين، وذلك أنه كان ادّخر له حبلاً في مخدّته وكان الأمير حسن بن باريك ادّخر له حبلاً في بيت الطهارة واتفقا على الهرب ونزلا من طاقة كانت في بيت الطّهارة، وانحدرا من السور الأوّل وعبر شيركوه من الباشورة وكان ابن باريك حالة نزوله انقطع به الحبل ونزل شيركوه سليماً، فرآه وقد تغير من الوقعة فكلّمه فلم يجبه، وحرّكه فلم يتحرّك، فهزّه لعلّه ينشط فيسير معه فلم يقدر، فعلم أنه إذا أقام عنده أخذا جميعا، فتركه وانصرف واشتد هرباً في قيوده حتى أتى تل العياضية وقد طلع الصبح، فأكمن في الجبل حتى علا النهار، وكسر قيده وسار وستر الله حتى أتى المعسكر ومثل بخدمة السلطان، وكان من أخباره أن سيف الدين المشطوب ضيّق عليه وأنه قطع على نفسه قطيعة عظيمة من خيل وبغال وأنواع الأموال وأن الملك الأنكتار أتى عكا وأخذ كل ما له بها من خدمه ومماليكه وأقمشته ولم يبق له منها شيئاً، وأن فلاحي الجبل يمدونه بالميرة مدداً عظيماً، وأن طغرل السلحدار أخذ خواص مماليك السلطان وهربوا قبل هروبه.