ولما كان سلخ الشهر خرج الإفرنج من جانب البحر شمالي البلد وانتشروا انتشاراً عظيماً راجلهم وفارسهم وضربوا أطلاباً للقتال فأخبر اليزك بذلك السلطان فدق في الكؤوس وركب وأنفذ إلى اليزك وقواه برجال كثيرة وتوقف حتى ركبت العساكر الإسلامية واجتمعوا فوقع بين اليزك وبين العدو وقعة عظيمة وقتال شديد قبل اتصال العساكر باليزك وكان اليزك قد قوي بما أنفذ إليه فحملوا على العدو حملة عظيمة فانكسر العدو من بين أيديهم وانهزمت الخيالة وسلمت الرجالة وظنوا أن وراء اليزك كميناً فاشتدوا نحو خيامهم ووقع اليزك في الرجالة فقتل منهم زهاء خمسين نفراً ولم يزل السيف يعمل فيهم حتى دخلوا خنادقهم.
وفي ذلك اليوم وصل رسل الإفرنج الذين ساروا إلى دمشق ليتفقدوا حال أسراهم ووصل معهم من مميزي أسراهم أربعة نفر ووصل في عيشته أيضاً رسل السلطان في تحرير أمر الأسارى المسلمين الذين كانوا بعكا ولم تزل الرسل تتردد بين الطرفين حتى كان تاسع رجب.
[خروج ابن باريك]
وفي ذلك اليوم خرج حسام الدين بن باريك المهراني ومعه اثنان من أصحاب الأنكتار فأخبرني أن الملك افرنسيس سار إلى صور وذكروا في تحرير أمر الأسارى وطلبوا أن يشاهدوا صليب الصلبوت وأنه في العسكر أو حمل إلى بغداد فأحضر صليب الصلبوت وشاهدوه وعظموه ورموا نفوسهم إلى الأرض ومرغوا وجوههم على التراب وخضعوا خضوعاً عظيماً لم ير مثله وذكروا أن الملوك قد أجابوا