القتال عوضاً عن علم الإسلام وحيز المسلمون إلى بعض أطراف البلد وجرى على أهل الإسلام المشاهدين لذلك الحال ما كثر التعجب من الحياة معه ومثلت في خدمة السلطان وهو أشد حالة من الوالدة الثكلى، والمولهة الحراء فسليته بما تيسر لي من التسلية وأذكرته في الفكر فيما يستقبله من الأمر في معنى البلاد الساحلية والقدس الشريف وكيفية الحال في ذلك وإعمال الفكر في خلاص المسلمين المأسورين في البلد وذلك في ليلة السبت الثامن عشر وانفصل الحل على أن رأى التأخير عن تلك المنازلة مصلحة فإنه لم يبق في المضايقة معنى فتقدم بنقل الأثقال ليلاً إلى المنزلة التي كان عليها أولاً بشفرعم وأقام هو جريدة في مكانه لينظر ماذا يكون من أمر العدو وحال أهل البلد وأقام هو راضياً راجياً من الله تعالى أنه ربما حملهم غرورهم بالخروج إليه والهجوم عليه فينال منهم غرضاً ويلقي نفسه عليهم ويعطي الله النصر لمن شاء فلم يفعل العدو شيئاً من ذلك واشتغلوا بالاستيلاء على البلد والتمكن منه فأقام إلى بكرة التاسع عشر من الشهر وانتقل إلى الثقل وفي ذلك اليوم خرج منهم ثلاثة نفر مع الحاجب قوس بهاء الدين قراقوش وكان رجلاً عاقلاً مستخبرين ما وقع عقد الصلح عليه من المال والأسرى فأقاموا ليلة مكرمين وساروا إلى دمشق يبصرون الأسرى في الحادي والعشرين وأنفذ السلطان رسولاً إلى الفرنج يسألهم كيف جرت الحال ويستعلم كم مدة تحصيل ما وقعت عليه المصالحة واستقرت عليه المهادنة.