للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي هذه السنة توفي نور الدين محمد بلا قره أرسلان بلا داود صاحب حصن كيفا وآمد، وملك بعده ولده سكمان ولقب قطب الدين وكان صغيراً فقام بتدبيره القوام بلا سماق الأسعردي، وحضر سكمان إلى السلطان وهو نازل على ميافارقين فاره على ما كان بيد ولده وأقام معه أميراً من أصحاب سكمان المذكور.

[ذكر ملك السلطان صلاح الدين ميافارقين]

لما رحل السلطان عن الموصل جعل طريقه على ميافارقين، وكانت لصاحبها ماردين الذي توفي وفيها من يحفظها من جهة شاه أرمن صاحب خلاط المتوفى، فحاصرها السلطان وملكها في سلخ جمادى الأولى، ثم إن السلطان رجع عن قصد خلاط إلى الموصل فجاءه رسل عز الدين مسعود يسأل الصلح، واتفق حينئذ أن السلطان مرض وسار من كفر زمار عائداً إلى حرّان، فلحقته رسل صاحب الموصل بالإجابة إلى ما طلب وهو أن يسلم صاحب الموصل السلطان شهرزور أعمالها وولاية الفرابلي وجميع ما وراء الزاب وأن يخطب للسلطان صلاح الدين على جميع منابر الموصل وما بيده، وأن يضرب اسمه على الدراهم والدنانير، وتسلم السلطان ذلك واستقر الصلح وأمنت البلاد، ووصل السلطان إلى حران وأقام بها مريضاً، واشتد به المرض حتى أيسوا منه، ثم إنه عوفي وعاد إلى دمشق سنة اثنتين وثمانين من محرم. ولما اشتد مرض السلطان سار ابن عمه محمد بن شيركوه بن شاذي صاحب حمص إلى حمص وكاتب بعض أكابر دمشق في أن يسلموا إليه دمشق إذا مات السلطان.

وفي هذه السنة ليلة عيد الأضحى شرب بحمص صاحبها ناصر الدين محمد بن شيركوه بن شاذي فأصبح ميتاً، قيل أن السلطان هو الذي دس عليه من سقاه سمّاً لما بلغه مكاتبته أهل دمشق في مرضه، ولما مات أقر السلطان حمص وما كان بيده على ولده شيركوه بن محمد وعمره اثنتا عشرة سنة، وخلف صاحب حمص شيئاً كثيراً من الدواب والآلات وغيرها، فاستعرضها السلطان عند نزوله بحمص في عوده من حرّان وأخذ أكثرها ولم يترك إلا ما لا خير فيه.

ذكر نقل الملك العادل من حلب

وإخراج الملك الأفضل ابن السلطان من مصر إلى دمشق

<<  <   >  >>