ولما ملك السلطان حلب أرسل إلى حارم وبها سرخك الذي ولاه الملك الصالح في تسليم حارم وجرت بينهما مراسلات فلم ينتظم بينهما حال وكاتب سرخك الإفرنج فوثب عليه أهل القلعة وقبضوا عليه وسلموا حارم إلى السلطان فتسلمها وقرر أمر حلب وبلادها وأقطع أعزاز أميراً يقال له سليمان بن جند.
ذكر غير ذلك من الحوادث
في هذه السنة قبض عز الدين مسعود صاحب الموصل على نائبه مجاهد الدين قيماز.
ولما فرغ السلطان من تقرير أمر حلب جعل فيها ولد الملك الظاهر غازي وسار إلى دمشق وتجهز منها للغزو، فعبر نهر الأردن تاسع جمادى الآخر، فأغار على بيسان وحرقها، وشن الغارات على تلك النواحي، ثم تجهز السلطان للكرك، وأرسل إلى نائبه بمصر وهو أخوه الملك العادل أن يلاقيه على الكرك فسار واجتمعا عليها، وحصر الكرك وضيّق عليها ثم رحل عنها في منتصف شعبان وسار معه أخوه، وأرسل السلطان ابن أخيه الملك المظفر تقي الدين عمر إلى مصر نائباً عنه موضع الملك العادل، ووصل السلطان إلى دمشق وأعطى أخاه أبا بكر العادل مدينة حلب وقلعتها وأعمالها، وسيّره إليها في شهر رمضان من هذه السنة وأحضر ولده الظاهر منها إلى دمشق.
وفي هذه السنة في أواخرها توفي شاهرمن بن سكمان بن ظهير الدين إبراهيم بن سكمان القبطي صاحب خلاط، وقد قدم ذكر ملك شاهرمن المذكور في سنة إحدى وعشرين وخمسمائة، وكان عمر سكمان لما توفي أربعاً وستين سنة، ولما مات سمان كان بكتمر مملوك أبيه بميافارقين، فلما سمع بكتمر بموته سار من ميافارقين ووصل إلى خلاط وكان أكثر أهلها ومماليك شاهرمن متفقين معه وأول وصوله استولى على خلاط وتملكها وجلس على كرسي شاهرمن واستقر في مملكة خلاط حتى قتل في سنة تسع وثمانين وخمسمائة حسبما نذكره إن شاء الله تعالى.