المعممين الفاضل والديون وكنت في الصحبة في ذلك اليوم وركب جماعة من الشجعان على الخيول الجياد وناوشوا العدو فلم يخرج في ذلك اليوم وكان قد وشي إليهم بحلية الأمراء إلا أن ذلك اليوم لم ينفك إلا بنوع نصر فإنه وصل في أثنائه خمسة وأربعون نفراً من الإفرنج كانوا قد أخذوا في بيروت وسيروا إلى السلطان ووصلوا في ذلك اليوم إلى ذلك المكان. ولقد شاهدت منه رقة قلب لم ير أعظم منها وذلك أنه كان فيهم شيخ كبير طاعن في السن لم يبق في فمه ضرس ولم تبق له قوة إلا مقدار تحرك لا غير فقال للترجمال قل له ما الذي حملك على المجيء وأنت في هذا السن وكم من ههنا إلى بلادك فقال بلادي بيني وبينها عدة أشهر. وأما مجيئي فإنما كان للحج إلى القمامة، فرقّ له السلطان ومنّ عليه وأطلقه وأعاده راكباً على فرس إلى عسكر العدو. ولقد طلب أولاده الصغار أن يأذن لهم في قتل أسير فلم يفعل فسألته عن سبب المنع وكنت حاجبهم بما طلبوه فقال لئلا يعتادوا من الصغر على سفك الدماء ويهون عليهم ذلك وهم الآن لا يفرقون بين المسلم والكافر. ولما أيس من خروج العدو عاد المخيم في عشية ذلك اليوم.
[ذكر وصول العساكر الإسلامية والملك افرنسيس]
ومن ذلك الوقت انفتح الباب وطال الزمان وجاء أوان عود