للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والفارس واشتد الزحف ولم يساعده العسكر في ذلك اليوم على الهجوم على العدو فإن رجالته وقفوا كالسور المحكم البناء بالسلاح والزنبورك والنشاب من وراء أسوارهم وهجم عليهم بعض الناس من بعض أطرافهم فثبتوا وذبوا غاية الذب، ولقد حكى بعض من دخل عليهم أسوارهم أنه كان هناك راجل واحد إفرنجي صعد سور خندقهم واستدبر المسلمين وإلى جانبه جماعة يناولونه الحجارة وهو يرميها على المسلمين الذين يلاصقون سور الخندق وقال إنه وقع فيه زهاء خمسين سهماً وحجراً ولا يمنعه ذلك عما هو بصدده من الذب والقتال حتى ضربه زراق مسلم بقارورة فارقه. ولقد حكى لي شيخ عاقل جندي أنه كان من جملة من دخل قال وكان داخل سورهم امرأة عظيمة عليها ملوطة خضراء فما زالت ترمينا بقوس من خشب حتى خرجت منا جماعة وتكاثرنا عليها وقتلناها وأخذنا قوسها وحملنا إلى السلطان فعجب من ذلك عجباً عظيماً ولم يزل الحرب يعمل بين الطائفتين بالقتل والجرح حتى فصل بينهم الليل.

ذكر ما آل إليه أمر البلد من الضعف

ووقوع المراسلة بين أهل البلد والإفرنج

ولما اشتد زحفهم على البلد وتكاثروا عليها من كل جانب وتناوب ضعف أهل البلد لما رأوه من عين الهلاك واستشعروا العجز عن الدفع وتمكن العدو من الخنادق فملكوها وتمكنوا من سور الباشورة فنقبوه وأشعلوا فيه النار بعد حشو النقب ووقعت بدنة من الباشورة

<<  <   >  >>