ولما هاج البحر وأمنت غائلة مراكب العدو ورفع ما كان له من الشواني في البحر إلى البر اشتغل السلطان في إدخال البدل إلى عكا وحمل البر والذخائر والنفقات والعدو منها وإخراج من كان بها من الأمراء لعظم شكايتهم من طول المقام بها ومعاناة التعب والسهر وملازمة القتال ليلاً ونهاراً وكان مقدم البلد من البدل الداخل الأمير سيف الدين علي المشطوب دخل سادس عشر المحرم من شهور سنة سبع وثمانين وفي ذلك اليوم خرج المقدم الذي كان بها وهو الأمير حسام الدين أبو الهيجاء وأصحابه ومن كان بها من الأمراء وأعيان الخلق وتقدم إلى كل من دخل أن يصحب ميرة السنة وانتقل الملك العادل بعسكره إلى حيفا على شاطئ النهر وهو الموضع الذي تحمل منه المراكب فتدخل إلى البلد وإذا خرجت تخرج إليه فأقام يحث الناس على الدخول ويحرس المير والذخائر لئلا يتطرق إليها العدو من يعترضها وكان مما دخل إليها سبع بطس مملوءة ميرة وذخائر ونفقات كانت وصلت من مصر محملة وتقدم السلطان بتعبيتها من مدة مديدة وكان دخولها ثاني ذي الحجة من السنة الخالية فانكسر منها مركب على الصخر الذي هو قريب من الميناء فانقلب كل من في البلد من المقاتلة ليلقى البطس. ولما علم العدو ذلك أخذوا غرتهم وزحفوا إلى البلد في جانب البر زحفة عظيمة وقاربوا الأسوار