عنه، وطلب أن يقيم في جوار تقي الدين خشية على نفسه، فأذن له، فأقام في جواره إلى حين ذهابه.
[ذكر طلب عماد الدين الدستور]
وذلك أن عماد الدين زنكي عم المذكور ألحّ في طلب الدستور وشكا هجوم الشتاء عليه مع عدم الاستعداد له، والسلطان يعتذر إليه بأن الرسل متواترة بيننا وبين العدو في الصلح وربما انتظم فينبغي أن يكون انتظامه بحضوركم فالرأي مشترك، واستأذن في أن يحمل إليه خيام الشتاء، فلم يفعل، وأن يحمل إليه نفق فلم يفعل، وتكررت منه الرسل إلى السلطان في المعنى، والسلطان يكرر الاعتذار. ولقد كنت بينهم في شيء من ذلك، وكان عند عماد الدين من على العزم الرواح ما يجاوز كل وصف، وعند السلطان من إمساكه إلى أن يفصل أمر بيننا وبينهم ما لا يحد، وآل الأمر إلى أن يكتب عماد الدين بخطه ويطلب فيه الإذن في الرواح وتليّذن فيها وتخشّن، فأخذها السلطان وكتب في ظهرها بيده الكريمة: من ضيع مثلي من يده، فليت شعري ما استفاد. فوقف عماد الدين عليها وانقطعت مراجعة بالكلية.
[ذكر خروج العدو إلى رأس الماء]
وتواترت الأخبار بضعف العدو ووقوع الغلاء في بلادهم وعسكرهم حتى أن الغرارة من القمح بلغت في أنطاكية ستة وتسعين دياوا صورية، ولا يزيدهم ذلك إلاّ صبراً وإصراراً وعنادا.