ولما ضاق بهم الأمر وعظم الغلاء وخرج منهم خلق عظيم مستأمنين من شدة الجوع عزموا على الخروج إلينا، وكان طمعهم بسبب مرض السلطان، فظنوا أنه لا يستطيع النهوض، وكان خروجهم يوم الإثنين حادي عشر شوّال بخيلهم ورجلهم حاملين أزواداً وخياماً إلى الآبار التي استحدثها المسلمون تحت تل الحجل لما كانوا نزولا عليه وأخذوا عليق أربعة أيام، فأخبر رحمه الله بخروجهم على هذا الوجه، فأمر اليزك أن يتراجع من بين أيديهم إلى تل كيسان وكان اليزك على العياضية، وكان نزول العدو على الآبار بعد صلاة العصر من اليوم المذكور، وباتوا تلك الليلة واليزك حولهم جميع الليل، فلما طلع الصبح جاء من اليزك من أخبره بأنهم قد تحركوا للركوب، وكان قد أمر الثقل في أول الليل أن يسيروا إلى الناصرة والقيمون، فرحل الثقل وبقي الناس، وكنت في جملة من أقام في خدمته، وأمر العسكر أن يركب يمنة ويسرة وقلبا تعبية القتال، وركب هو، وصاح الجاويش بالناس، فركبوا وسار حتى وقف على تل من جبال الخروبة، وابتدأت الميمنة بالمسير، فسارت حتى بلغ آخرها الجبل، وسارت الميسرة حتى بلغ آخرها النهر بقرب البحر، فكان في الميمنة ولده الملك الأفضل صاحب دمشق وولده الملك الظاهر صاحب حلب وولده الملك الظافر صاحب بصرى وولد عز الدين صاحب الموصل علاء الدين خرم شاه، ثم أخوه في طرفها، ويليه