وكان مقدم الإفرنج البرنس أرناط، وكان قد بيع بحلب، فإنّه كان أسيراً بها زمن نور الدين، وجرى خلل في ذلك اليوم على المسلمين. ولقد حكى السلطان صورة الكسرة في ذلك اليوم، وذلك أن المسلمين كانوا قد تعبّوا تعبية القتال، ولما قرب العدوّ رأى بعض الجماعة أن تعبر الميمنة إلى جهة الميسرة، والميسرة إلى جهة الميمنة ليكونوا حالة اللقاء وراء ظهورهم تل معروف بأرض الرملة، فبينما اشتغلوا بهذه التعبية هجم الإفرنج وقدّر الله كسرتهم فانكسروا كسرة عظيمة، ولم يكن لهم حصن قريب يأوون إليه فطلبوا جهة الديار المصرية، وضلّوا في الطريق وتبدّدوا، وأسر منهم جماعة منهم الفقيه عيسى وكان موهنا عظيما جبره الله بوقعة حطين المشهورة ولله الحمد.
وأما الملك الصالح فإنّه تخبّط أمره وقبض على كمشتكين صاحب دولته وطلب منه تسليم حارم إليه فلم يفعل فقتله. ولمّا سمع الإفرنج بقتله نزلوا على حارم طمعاً فيها، وذلك في جمادى الأخرى سنة ثلاث وسبعين، وقابل عسكر الملك الصالح العساكر الإفرنجية. ولما رأى أهل القلعة خطرها من جانب الإفرنج سلّموها إلى الملك الصالح في العشر الأواخر من شهر رمضان من السنة المذكورة.
ولما علم الإفرنج ذلك رحلوا عن حارم طالبين بلادهم، ثم عاد الملك الصالح إلى حلب،