ثم دخلت سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة وفيها جمع السلطان العساكر وسار بفرقة من العسكر وضايق الكرك خوفاً على الحجاج من صاحب الكرك، وأرسل فرقة أخرى مع ولده الملك الأفضل فأغاروا على بلاد عكا وتلك الناحية وغنموا شيئاً كثيراً، ثم سار السلطان ونزل على طبرية وحصر مدينتها وفتحها عنوة بالسيف وتأخرت القلعة، وكانت طبرية للقومص صاحب طرابلس وكان قد هادن السلطان ودخل في طاعته، فأرسلت الإفرنج إلى قومص المذكور القسوس والبطرك ينهونه عن موافقة السلطان ويوبخونه فسار معهم واجتمع الإفرنج للقاء السلطان.
ذكر وقعة حطين
وهي الوقعة العظيمة التي فتح الله بها الساحل وبيت المقدس
ولما اخذ السلطان مدينة طبرية اجتمعت الإفرنج وملوكهم بفارسهم وراجلهم وساروا إلى السلطان فركب السلطان من عند طبرية وسار إليهم يوم السبت لخمس بقين من ربيع الآخر، والتقى الجمعان واشتد بينهم القتال، ولما رأى القومص شدة الأمر حمل على مقدمة المسلمين وهناك تقي الدين صاحب حماة فأفرج له وعطف عليه ونجا القومص ووصل إلى طرابلس وبقي مدة يسيرة ومات غبناً، ونصر الله تعالى المسلمين وأحدقوا بالإفرنج من كل ناحية وأبادوهم قتلاً وأسروا، وكان من جملة من أسر ملك الإفرنج الكبير والبرنس أرناط صاحب الكرك وصاحب حبيل وابن الهنغري ومقدم الداوية وجماعة من الأبستارية. وما أصيب الإفرنج منذ خرجوا إلى الشام في سنة إحدى وتسعين وأربعمائة إلى الآن بمصيبة مثل هذه الوقعة.