ولما انقضى المصاف جلس السلطان في خيمته وأحضر ملك الإفرنج وأجلسه إلى جانبه وكان الحر والعطش به شديدا، فسقاه السلطان ماءً مثلوجاً فسقى ملك الإفرنج منه البرنس أرناط صاحب الكرك فقال له السلطان هذا الملعون لم يشرب الماء بإذني فيكون ما ناله، ثم كلم السلطان البرنس ووبخه وقرعه على غدره وقصده الحرمين الشريفين، فقام السلطان بنفسه فضرب عنقه، فارتعدت فرائص ملك الإفرنج فسكّن جأشه، ثم عاد السلطان إلى طبرية وفتح قلعتها بالأمان ثم سار إلى عكا وحاصرها وفتحها بالأمان ثم أرسل إلى أخيه العادل فنازل مجد اليابا وفتحه عنوة بالسيف، ثم فرق السلطان عسكره ففتحوا الناصرة وقيسارية وحيفا وصفورية ومعلشا والغولة وغيرها من البلاد المجاورة لعكا بالطيف وغنموا وقتلوا وأسروا أهل هذه الأماكن وأرسل فرقة إلى نابلس فملكوا قلعتها بالأمان ثم سار الملك العادل بعد فتح مجد اليابا إلى يافا وفتحها عنوة بالطيف ثم سار السلطان إلى تبنين ففتحها بالأمان ثم سار إلى صيدا فأخلاها صاحبها وتسلمها السلطان ساعة وصوله لتسع بقين من جمادى الأولى من هذه السنة ثم سار إلى بيروت فحاصرها وتسلمها في السابع والعشرين من جمادى الأولى بالأمان وكان حصرها مدة ثمانية أيام وكان صاحب حبيل من جملة الأسرى فبذل حبيل بأن يسلمها ويطلق سراحه فأجيب إلى ذلك وكان صاحب حبيل من أعظم الإفرنج وأشدهم عداوة للمسلمين ولم تكن عاقبة إطلاقه حميدة وأرسل السلطان وتسلم حبيل وأطلقه وفيها حضر المركيس في سفينة إلى عكا وهي للمسلمين ولم يعلم المركيس بذلك واتفق هجوم الهواء فراسل المركيس الملك الأفضل وهو بعكا يقترح أمراً بعد أمر والملك الأفضل يجيب إلى ذلك المركيس إلى أن هب الهواء فأقلع المركيس إلى صور واجتمع عليه الإفرنج الذين بها وملك صور وكان وصول المركيس إلى صور ولإطلاق الإفرنج الذين أخذ السلطان بلادهم بالأمان وحملهم إلى صور من أعظم أسباب الضرر الذي حصل حتى راحت عكا وقوي الإفرنج بذلك.