وفيها أقطع السلطان ما كان بيد مظفر الدين وهو حران والرها وسميساط والموزر الملك المظفر تقي الدين عمر زيادة على ما في يده وهو ميافارقين ومن الشام حماة والمعرة وسلمية ومنبج وقلعة نجم وجبلة واللاذقية وبلاطنس وبكراس.
[ذكر استيلاء الإفرنج على عكا]
ثم دخلت سنة سبع وثمانين وخمسمائة واستمر حصار الإفرنج لعكا إلى هذه السنة وكانوا قد أحاطوا بها من البحر إلى البحر وحفروا عليها خندقاً فلم يتمكن السلطان من الوصول إليهم وكانوا محاصرين لعكا وهم كالمحصورين من خارجهم من السلطان واشتد حصارهم لعكا وضعف من بها عن حفظ البلد وعجز السلطان عن دفع العدو عنهم فخرج الأمير سيف الدين علي بن أحمد المشطوب وطلب الأمان من الإفرنج على مال وأسرى يقومون بها للإفرنج فأجابوهم إلى ذلك وصعدت أعلام الإفرنج على عكا ظهر يوم الجمعة سابع عشر جمادى الآخرى من هذه السنة واستولوا على البلد بما فيه وحبسوا المسلمين في أماكن من البلد وقالوا إنما نحبسهم ليقوموا بالمال والأسرى وصليب الصلبوت وكتبوا إلى السلطان بذلك فحصل ما أمكن تحصيله من ذلك وطلب منهم إطلاق المسلمين فلم يجيبوا إلى ذلك فعلم منهم الغدر واستمر أسر المسلمين ثم قتل الإفرنج منهم جماعة كثيرة واستمر الباقون في الأسر.
وبعد استيلاء الإفرنج وتقرير أمرها رحلوا عنها مستهل شعبان نحو قيسارية والمسلمون يساورونهم ويتخطفون منهم ثم ساروا من قيسارية إلى أرسوف ووقع بينهم وبين المسلمين مصاف أزالوا المسلمين عن موقفهم ووصلوا إلى سوق المسلمين فقتلوا من السوقة خلقاً كثيراً ثم سار الإفرنج إلى يافا وقد أخلاها المسلمون فملكوها.