للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذكر مسير العساكر إلى أطراف البلاد

في طريق ملك الألمان

ولما تحقق السلطان وصول ملك الروم إلى بلاد ابن لاون وقربه إلى البلاد الإسلامية جمع أمراء دولته وأرباب الآراء وشاورهم فيما يصنع فاتفق الرأي على أن العسكر بعضه يسير إلى البلاد المتاخمة لطريق عسكر العدو الواصل وأن يقيم على منازلة العدو بباقي العسكر المنصور وكان أول من سار صاحب منبج وهو ناصر الدين بن تقي الدين ثم عز الدين بن المقدم صاحب كفر طاب وبارين وغيرهما ثم مجد الدين صاحب بعلبك ثم صاحب شيزر سابق الدين ثم الباروقية من جملة عسكر حلب ثم عسكر حماة. وسار ولده الملك الأفضل مع مرض عرض له ثم بدر الدين شحنة دمشق مع مرض عرض له أيضاً وسار بعد ذلك ولده الملك الظاهر إلى حلب لإبانة الطريق وكشفاً لأخباره وحفظاً لما يليه من البلاد وسار بعده الملك المظفر لحفظ ما يليه من البلاد وتدبير أمر العدو المجتاز، ولما سارت هذه العساكر خفت الميمنة فإن معظم من سار منها، فأمر رحمه الله الملك العادل أن ينتقل إلى منزلة تقي الدين في طرف الميمنة وكان عماد الدين زنكي في طرف الميسرة. ووقع في العسكر مرض عظيم فمرض مظفر الدين صاحب حران وشفي ومرض بعده الملك الظافر وشفي ومرض خلق كثير من الأكابر وغيرهم إلا أن المرض كان سليماً بحمد الله وكان المرض عند العدو أكثر وأعظم وكان مقروناً بموتان عظيم وأقام السلطان مصابراً على ذلك مرابطاً للعدو.

<<  <   >  >>