وأما ابن الملك فكان أبوه منذ توجه إلى قصد هذه الديار نصب ولده الذي معه عوضه واستقرت القاعدة وبلغه هرب رسل ابن لاون فأنفذ واستعطفهم وأحضرهم وقال إن أبي كان شيخاً كبيراً وما قصد هذه الديار إلا لأجل حج بيت المقدس وأنا الذي دبرت الملك وعاينت المشاق في هذه الطريق فمن أطاعني وإلا قصدت دياره واستعطب ابن لاون واقتضى الحال الاجتماع ضرورة، وبالجملة فهو في عدد كثير، ولقد عرض عسكره فكان اثنين وأربعين مجفجفاً وأما الرجالة فما يحصى عددهم وهم أجناس متفاوتة على قصد عظيم وحد في أمرهم وسياسة هائلة حتى أن من جنى منهم جناية فليس له جزاء إلا أن يذبح مثل الشاة، ولقد بلغهم عن بعض أكابرهم أنه جنى على غلام له وجاوز الحد في ضربه فاجتمعت القسوس للحكم فاقتضى الحال والحكم العام ذبحه وشفع إلى الملك منهم خلق عظيم فلم يلتفت إلى ذلك وذبحه وقد حرموا الملاذ على أنفسهم حتى أن من بلغه عنه بلوغ لذة هجروه وعزروه كل ذلك كان حزناً على البيت المقدس. ولقد صح عن جمع منهم أنهم هجروا الثياب مدة طويلة وحرموا ما حل ولم يلبسوا إلا الحديد حتى أنكر عليهم الأكابر ذلك وهم من الصبر على الشقاء والذل والتعب في حال عظيم. طالع المملوك بالحال وما يتجدد بعد ذلك يطالع به إن شاء الله تعالى، هذا كتاب الكايفكوس ومعنى هذا اللفظ الخليفة واسمه بر كرى كور بن باسيل.