ولما استقر أمر الهدنة أرسل السلطان مائة من الحجارين لتخريب عسقلان وأمر أن يخرج من بها من الإفرنج وعزم على الحج والإحرام من القدس وكتب إلى أخيه سيف الإسلام صاحب اليمن بذلك ثم ثبطه الأمراء وقالوا لا نعتمد على هدنة الإفرنج خوفاً من غدرهم فانتقض عزمه عن ذلك.
ثم رحل السلطان عن القدس لخمس مضت من شوال إلى نابلس ثم إلى بيسان ثم إلى كوكب فبات بقلعتها ثم رحل إلى طبرية ولقيه بها الأمير بهاء الدين قراقوش الأسدي وقد خلص من الأسر وكان قد أسر بعكا لما أخذها الإفرنج مع من أسر، فسار قراقوش مع السلطان إلى دمشق ثم سار منها إلى مصر.
ثم سار السلطان إلى بيروت ووصل إلى خدمته بيمند صاحب أنطاكية يوم السبت الحادي والعشرين من شوال فأكرمه السلطان وفارقه في غد ذلك اليوم وسار السلطان إلى دمشق ودخلها يوم الأربعاء لخمس بقين من شوال وفرح الناس به لأن غيبته عنهم كانت مدة أربع سنين وأقام العدل والإحسان بدمشق وأعطى السلطان العساكر الدستور فودعه ولده الملك الظاهر وداعاً لا لقاء بعده وسار إلى حلب وبقي عند السلطان بدمشق ولده الأفضل والقاضي الفاضل وكان الملك العادل قد استأذن السلطان وسار من القدس إلى الكرك لينظر إلى مصالحه ثم عاد إلى دمشق طالباً البلاد الشرقية التي سارت له بعد تقي الدين فوصل إلى دمشق في الحادي والعشرين من ذي القعدة وخرج السلطان للقائه. وفي يوم الخميس السادس والعشرين من شوال من هذه السنة توفي الأمير سيف الدين المشطوب بنابلس وكانت إقطاعه فوقف السلطان ثلث نابلس على مصالح القدس وأقطع الباقي للأمير عماد الدين أحمد بن المشطوب وأميرين معه.