وسبب ذلك أن ملك الأنكتار مرض وطال عليه البيكار فكتب إلى الملك العادل يسأل الدخول على السلطان في الصلح فلم يجب السلطان إلى ذلك ثم اتفق رأي الأمراء على ذلك لطول البيكار وضجر العسكر وكثرة نفقاتهم فأجاب السلطان إلى ذلك واستقر أمر الهدنة في يوم السبت ثامن عشر شعبان وتخلفوا على ذلك في يوم الأربعاء الثاني والعشرين من شعبان ولم يحلف ملك الأنكتار بل أخذوا يده واعتذر بأن الملوك لا يحلفون وقنع السلطان بذلك وحلف الكندهري ابن أخته وخليقة في الساحل وكذلك حلف غيره من عظماء الإفرنج ووصل ابن الهنغري وباليان إلى خدمة السلطان ومعهما جماعة من المقدمين وأخذوا يد السلطان واستحلفوا الملك العادل والملكين الأفضل والظاهر والملك المنصور والملك المجاهد شيركوه صاحب حمص والأمجد بهرام شاره بن فرخشاه صاحب بعلبك والأمير بدر الدين دلدرم الياروقي صاحب تل باشر والأمير سابق الدين عثمان ابن الداية صاحب شيزر والأمير سيف الدين علي بن أحمد المشطوب وغيرهم من المقدمين الكبار وعقدت الهدنة عامة في البحر والبر وجعلت مدتها ثلاث سنين وثلاثة أشهر أولها أيلول الموافق للحادي والعشرين من شعبان.
وكانت الهدنة على أن يستقر بيد الإفرنج يافا وعملها وقيسارية وعملها وحيفا وعملها وعكا وعملها وأن تكون عسقلان خراباً واشترط السلطان دخول بلاد الإسماعيلية في عقد هدنته واشترط الإفرنج دخول صاحب أنطاكية وطرابلس في عقد هدنتهم وأن تكون لد والرملة مناصفة بينهم وبين المسلمين فاستقر القاعدة على ذلك.
ثم رحل السلطان إلى القدس في رابع شهر رمضان وتفقد أحواله وأمر بتسديد أسواره وزاد في وقف المدرسة التي عملها بالقدس وهذه المدرسة كانت قبل الإسلام تعرف بصند حنة يذكرون أن فيها قبر حنة أم مريم ثم صارت في الإسلام دار علم قبل أن يتملك الإفرنج القدس ثم لما ملك الإفرنج القدس أعادها كنيسة كما كانت قبل الإسلام فلما فتح السلطان القدس أعادها مدرسة وفوّض تدريسها ووقفها إلى القاضي بهاء الدين ابن شداد.