في هذه السنة عمل البرنس صاحب الكرك أسطولاً في بحر أيلة وسار في البحر فرقتان فرقة أقامت على حصن أيلة يحصرونه وفرقة سارت نحو عيداب يفسدون في السواحل وبغتوا المسلمين في تلك النواحي فإنهم لم يعهدوا بهذا البحر إفرنجاً قط وكان بمصر الملك العادل أبو بكر نائباً عن أخيه السلطان فعمر أسطولاً في بحر عيداب وأرسله مع حسام الدين الحاجب لؤلؤ مجدّاً في طلبهم وأوقع بالذين يحاصرون أيلة فقتلهم وأسرهم ثم سار في طلب الفرقة الثانية وكانوا قد عزموا على الدخول إلى الحجاز ومكة والمدينة حرسهما الله تعالى فسار لؤلؤ يقفو أثرهم فبلغ رابغ فأدركهم بساحل الخوار وتقاتلوا أشد قتال فظفره الله تعالى بهم وقتل لؤلؤاً أكثرهم وأخذ الباقين أسرى وأرسل بعضهم إلى منى لينحروا بها وعاد بالباقين إلى مصر فقتلوا عن آخرهم.
وفي هذه السنة توفي عز الدين فرخشاه بن شاهنشاه بن أيوب صاحب بعلبك وكان ينوب عن صلاح الدين بدمشق وهو ثقته من بين أهله وكان فرخشاه شجاعاً كريماً فاضلاً وله شعر جيد ووصل خبر موته إلى صلاح الدين وهو في البلاد الجزرية فأرسل إلى دمشق شمس الدين بن محمد بن عبد الملك المقدم ليكون بها وأقر بعلبك على بهرام شاه بن فرخشاه المذكور.
وفيها توفي بدمشق مسعود بن محمد بن مسعود النيسابوري الفقيه الشافعي ولد سنة خمس وخمسمائة وهو الملقب قطب الدين وكان إماماً فاضلاً في العلوم الدينية قدم إلى دمشق وصنف عقيدة للسلطان صلاح الدين وكان السلطان يقرئها أولاده الصغار.