وكان عوده إليها بعد الفراغ من تصفح أحوال القلاع الساحلية بأسرها والتقدم بسد خللها وإصلاح أمور أجنادها وشحنها بالأجناد والرجال ودخل دمشق بكرة الأربعاء السادس والعشرين من شوال وفيها أولاد الملك الأفضل والملك الظاهر والملك الظافر وأولاده الصغار وكان يحب البلد ويؤثر الإقامة فيه على سائر البلاد وجلس للناس في بكرة الخميس السابع والعشرين منه وحضر الناس عنده وبلوا شوقهم من رؤيته وأنشده الشعراء وعم ذلك المجلس الخاص والعام وأقام ينشر جناح عدله. ويهطل سحاب إنعامه وفضله ويكشف مظالم الرعايا في الأوقات المعتادة حتى كان يوم الاثنين مستهل ذي القعدة اتخذ الملك الأفضل دعوة للملك الظاهر فإنه لما وصل إلى دمشق بلغه حركة السلطان إليها فأقام حتى يتملى بالنظر إليه ثانياً وكأن نفسه الشريفة كانت قد أحست بدنو أجل السلطان فودعه في تلك الليلة مراراً متعددة وهو يعود إليه. ولما اتخذ الملك الأفضل له دعوة أظهر فيها من بديع التجمل وغريهه ما يليق بهمته وكأنه أراد مجازاته عما خدمه به حين وصوله إلى حلب وحضرها أرباب الدنيا وأبناء الآخرة وسأل السلطان الحضور فحضر جبراً لقلبه.
[ذكر قدوم الملك العادل أخيه]
ولما تصفح الملك العادل أخبار الكرك وأمر بإصلاح ما قصد إصلاحه منه عاد طالباً البلاد الفراتية فوصل أرض دمشق يوم الأربعاء سابع عشر ذي