متطلعاً إلى أخبار العدو فأحضر عنده اثنان من الإفرنج قد تخطفهما اليزك فأمر بضرب أعناقهما ووصل من أخبر أن العدو لم يرحل اليوم من منزلته تلك فنزل السلطان واجتمع بأخيه يتحدثان في هذا الأمر وما يصنع مع العدو وبات تلك الليلة في تلك المنزلة.
[ذكر وقعة أرمون وهي أنكت في قلوب المسلمين]
ولما كان يوم السبت الرابع عشر بلغ السلطان أن العدو حرك الرحيل نحو أرسوف، فركب ورتب الأطلاب للقتال وعزم على مضايقتهم في ذلك اليوم ومصادمتهم، وأخرج الجاليش من كل طلب، وسار العدو حتى قارب شعرا أرسوف وبساتينها، فأطلق عليهم الجاليش النشاب، ولزمتهم الأطلاب من كل جانب، والسلطان يقرب بعضها ويوقف بعضها ليكون ردأً ويضايق العدو مضايقة عظيمة، والتحم القتال واضطرمت ناره من الجاليش وقتل منهم وجرح، فاشتدوا في السير عساهم يبلغون المنزلة فينزلوا، واشتد بهم الأمر وضاق بهم الخناق، والسلطان يطوف من الميمنة إلى الميسرة يحث الناس على الجهاد، ولقيته مراراً ليس معه إلا صبيان بجنبيه لا غير، ولقيت أخاه وهو على مثل هذه الحال والنشاب يتجاوزهما، ولم يزل الأمر يشتد بالطمع للعدو، وطمع المسلمون فيهم طمعاً عظيماً حتى وصل أوائل راجلهم إلى بساتين أرسوف، ثم اجتمعت الخيالة وتواصلوا على الحملة خشية على القوم، ورأوا أنه لا ينجيهم إلا الحملة. ولقد رأيتهم وقد أجمعوا