البحر تقوية للأسطول وإيناساً لرجاله والتقى الأسطولان في البحر والعسكران في البر واضطرمت نيران الحرب واستعرت وباع كل فريق روحه براحته الأخروية، ورجح حياته الأبدية على حياته الدنيوية، وجرى بين الأسطولين قتال شديد تقشع عن نصرة الأسطول الإسلامي وأخذ من العدو الشوابي وقتل من به ونهب جميع ما فيه وظفر من العدو بمركب أيضاً كان واصلاً من قسطنطينية ودخل الأسطول المنصور إلى عكا وكان قد صحبه مراكب من الساحل فيها مير وذخائر وطابت قلوب أهل البلد وانشرحت صدورهم فإن الضائقة كانت قد أخذت منهم واتصل القتال بين العسكرين من خارج البلد إلى أن فصل بينهما الليل وعاد كل فريق إلى خيامه وقد قتل من عدو الله وجرح خلق كثير عظيم فإنهم قاتلوا في ثلاثة مواضع فإن أهل البلد اشتدوا في قتالهم ليشغلوهم عن الأسطول أيضاً والأسطولان يتقاتلان والعسكر يقاتلهم من البر وكان النصر للمسلمين في الأماكن كلها ثم كان وصول زين الدين صاحب إربل في العشر الأواخر من جمادى الأولى وهو زين الدين يوسف بن علي بن بكتكين قدم بعسكر حسن وتجمل جميل فاحترمه السلطان وأكرمه وأنزله في خيمته وأكرم ضيافته وأمر بضرب خيمته إلى جاني خيمة أخيه مظفر الدين.