والقتال وكثرة الرماة حتى أخذ النقب في السور مما يلي وادي جهنم في قرنة شمالية. ولما رأى أعداء الله ما نزل بهم من الأمر الذي لا يندفع عنهم وظهرت لهم أمارات نصرة الحق على الباطل وكان قد ألقى في قلوبهم الرعب مما جرى على أبطالهم ورجالهم من السبي والقتل والأسر، وما جرى على حصونهم من الاستيلاء والأخذ علموا أنهم إلى ما صاروا إليه صائرون. وبالسيف الذي قتل به إخوانهم مقتولون، فاستكانوا وأخلدوا إلى طلب الأمان، واستقرت القاعدة بالمراسلة بين الطائفتين، وكان تسلمه القدس قدس الله روحه في يوم الجمعة السابع والعشرين من رجب وليلة كانت المعراج المنصوص عليها في القرآن المجيد. فانظر إلى هذا الاتفاق العجيب كيف يسّر الله عوده إلى أيدي المسلمين في مثل زمان الإسراء بنبيهم صلّى الله عليه وسلّم وهذه علامة قبول هذه الطاعة من الله تعالى، وكان فتوحاً عظيماً شهده من أهل العلم خلق عظيم ومن أرباب الحرف والطرق، وذلك أن الناس لما بلغهم ما يسّر الله على يده من فتوح الساحل، وشاع قصده القدس، قصده العلماء من مصر ومن الشام بحيث لم يتخلف معروف من الحضور، وارتفعت الأصوات بالضجيج والدعاء والتهليل والتكبير، وخطب فيه، وصليت فيه الجمعة يوم فتحه. وحطّ الصليب الذي كان على قبة الصخرة وكان شكلا عظيما، ونصر الله الإسلام نصر عزيز مقتدر. وكانت قاعدة الصلح أنهم قطعوا على أنفسهم عن كل رجل عشرة