الشرق حتى اجتمعت لخدمة السلطان في هذه المنزلة ووصلت إليه بها على عزم المسير إلى الموصل متجهزاً لذلك فلما حضرت عنده فرح بي وأكرمني وكنت قد جمعت له كتاباً في الجهاد بدمشق مدة مقامي فيها يجمع أحكامه وآدابه فقدمته بين يديه فأعجبه وكان يلازم مطالعته وما زلت أطلب دستوراً في كل وقت وهو يدافعني عن ذلك ويستدعيني للحضور في خدمته في كل وقت ويبلغني على ألسنة الحاضرين ثناءه علي وذكره إياي بالجميل فأقام في منزلته ربيعاً الآخر جميعه وصعد في أثناءه إلى حصن الأكراد وحاصرها يوم مجيئه بها فما رأى الوقت يحمل حصاره واجتمعت العساكر من الجوانب وأغار على بلد طرابلس في الشهر دفعتين ودخل البلاد مغيراً ومختبراً لمن بها من العساكر ويقويه العساكر بالغنائم ثم نادى في الناس في أواخر الشهر إنا داخلون الساحل وهو قليل الأزواد والعدو يحيط بنا في بلاده من سائر الجوانب فاحملوا زاد شهر ثم سير إلي مع الفقيه عيسى وكشف إلي أنه ليس في عزمه أن يمكنني من العود إلى بلادي وكان الله قد أوقع في قلبي محبته منذ رأيته وحبه الجهاد فأحببته لذلك وخدمته من تاريخ مستهل جمادى الأولى سنة أربع وثمانين وهو يوم دخوله الساحل وجميع ما حكيته قبل إنما هو روايتي عمن أثق به ممن شاهده، ومن هذا التاريخ ما سطرت إلا ما شاهدته أو أخبرني به من أثق به خبراً يقارب العيان والله الموفق،