وكان نزوله عليها في الرابع والعشرين وهي بلد مليح خفيف على القلب غير مستور. وله ميناء مشهورة وله قلعتان متصلتان على تل مشرف على البلد فنزل محدقاً بالبلد وأخذ العسكر منازلهم مستديرين على القلعتين من جميع نواحيها إلا من ناحية البلد واشتد القتال وعظم الزحف وارتفعت الأصوات وقوي الضجيج إلى آخر اليوم المذكور. وأخذ البلد دون القلعتين وغنم الناس منه غنيمة عظيمة فإنه كان بلد التجار ففرق بين الناس الليل وهجومه وأصبح يوم الجمعة مقاتلاً مجتهداً في أخذ النقوب وأخذت النقوب من شمالي القلاع وتمكن منها النقب حتى بلغ طوله على ما حكي لي من ذرعه ستين ذراعاً وعرضه أربعة أذرع واشتد الزحف عليهم حتى صعد الناس الجبل وقاربوا السور وتواصل القتال حتى صاروا يتحاذفون بالحجارة باليد فلما رأى عدو الله ما حل بهم من الصغار والبوار استغاثوا بطلب الأمان عشية الجمعة الخامس والعشرين من الشهر وطلبوا قاضي جبلة يدخل إليهم ليقرر لهم الأمان فأجيبوا إلى ذلك وكان رحمه الله متى طلب منه الأمان لا يبخل به رفقاً فعاد الناس عنهم إلى خيامهم واستقر الحال معهم على أنهم يطلقون بنفوسهم وذراريهم وأموالهم خلا الغلال والذخائر وآلات السلاح والدواب