المدفون فيها ولم يزل يقاتل بغراس مقاتلة شديدة حتى طلبوا الأمان على استئذان أنطاكية ورقي العلم الإسلامي عليها في ثاني شعبان وفي بقية ذلك اليوم عاد رحمه الله إلى المخيم الأكبر وراسله أهل أنطاكية في طلب الصلح فصالحهم لشدة ضجر العسكر وقوة قلق عماد الدين صاحب سنجار في طلب الدستور وعقد الصلح بيننا وبين أنطاكية من بلاد الإفرنج لا غير على أن يطلقوا جميع أسارى المسلمين الذين عندهم وكان إلى سبعة أشهر فإن جاءهم من ينصرهم وإلا سلموا البلد إلى السلطان. ورحل يطلب دمشق فسأله ولده الملك الظاهر أن يجتاز به فأجابه وسار حتى أتى حلب حادي عشر شعبان وأقام بقلعتها ثلاثة أيام وولده يقوم بالضيافة حق القيام ولم يبق من العسكر إلا من ناله من نعمته منال وأكثر ظني أنه أشفق عليه والده وسار من حلب يريد دمشق فاعترضه ابن أخيه الملك المظفر تقي الدين وأصعده إلى قلعة حماة واصطنع له طعاماً حسناً وأحضر له سماع الصوفية وبات فيها ليلة واحدة وأعطاه جبلة واللاذقية وسار على طريق بعلبك حتى أتاها وأقام بمرجها يوماً ودخل إلى حمامها وسار منها حتى دخل رمضان وما كان يرى تخلية وقته عن الجهاد مهما أمكنه وكان قد بقي له القلاع القريبة من حوران التي يخاف عليها من جانبها كصفد وكوكب فرأى أن يشغل الوقت بفتح المكانين في الصوم.