الموحدين هذا عدو الله قد أمكن الله منه وقد داخله الطمع حتى غشي خيامكم بنفسه فكان من المبادرين إلى إجابة دعوته جماعة من مماليكه وخاصته وخلقته ثم طلب عسكر الموصل يقدمهم علاء الدين ثم عسكر مصر يقدمهم سنقر الحلبي وتتابعت العساكر وتجاوبت الأبطال ووقف رحمه الله في القلب خشية أن يستضعف العدو القلب بحكم ما أنفذ منه من العساكر فينال غرضاً فتواصلت العساكر واتصل الضرب وقامت سوق الحرب فلم يكن إلا ساعة حتى رأيت القوم صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية وامتدوا مطروحين من خيام الملك العادل إلى خيامهم أولهم في الخيم الإسلامية وآخرهم في خيم العدو صرعى على التلول والوهاد وسرت السيوف من دمائهم حتى رويت، وأكلت أسد الوغى بأسنان الظفر منهم حتى شبعت. وأظهر الله كلمته. وحقق لعبد نصرته. وكان مقدار ما امتد فيه القتلى فيما بين الخيامين فرسخاً وربما زاد على ذلك ولم ينج من القوم إلا النادر. ولقد خضت في تلك الدماء بدابتي واجتهدت في أن أعدهم فما قدرت على ذلك لكثرتهم وتفرقهم وشاهدت فيهم امرأتين مقتولتين وحكى لي من شاهد أربعة نسوة يقاتلن وأسر منهن اثنتان وأسر من الرجال في ذلك اليوم نفر يسير فإن السلطان كان أمر الناس أن لا يستبقوا أحداً هذا كله في الميمنة وبعض القلب وأما الميسرة فما اتصل الصائح بهم إلا وقد تجز الأمر وقضى القضاء على العدو ما بين الظهر والعصر فإن العدو ظهر في قائم الظهيرة وانفصلت الحرب بعد صلاة العصر وانكسر القوم حتى دخلت طائفة من المسلمين وراءهم إلى مخيمهم على ما قيل ولم يفقد من