والألماني بها، وأنفذوا بقية العساكر إلى المعسكر النازل عكا، وأقاما بصور إلى ليلة السادس من رمضان وسار الألماني وحده في البحر حتى وصل معسكرهم غروب الشمس من ذلك اليوم في نفر يسير. هكذا تخبر الجواسيس والمستأمنون عنهم. وقد كان لقدمه وقع عظيم من الطائفتين، وأقام أياما، وأراد أن يظهر لمجيئه أثر فرنج القوم على طول مقامهم، وحسن في رأيه أن تضرب مصاف مع المسلمين، فخوّفوه من الإقدام على هذا الأمر وعاقبته، فقال لابد من الخروج على اليزك ليذوق قتال القوم ويعرف مراسهم ويتبصر بأمرهم، فليس الخبر كالعيان، فخرج على اليزك الإسلامي واتبعه معظم الإفرنج راجلهم وفارسهم، وخرجوا حتى قطعوا الوهاد التي بين تلهم وتل العياضية، وعلى تل العياضية خيم اليزك، وهي نوبة الحلقة السلطانية المنصورة في ذلك اليوم، فوقفوا على وجوههم وقاتلوهم وأذاقوهم طعم الموت، وعرف السلطان ذلك، فركب من خيمته بحفلة وسار حتى أتى تل كيسان، فلما رأى العدو العساكر الإسلامية صوّبت نحوه سهام قصدها وأتته من كل جانب كقطع من الليل المظلم عاد ناكصاً على عقبه، وقتل منهم وجرح خلق كثير والسيف يعمل فيهم من أقفيتهم وهم هاربون حتى وصلوا المخيم غروب الشمس، وهو لا يعتقد سلامة نفسه من شدة خوفه، وفصل الليل بين الطائفتين، وقتل من المسلمين اثنان، وجرح جماعة كثيرة، وكانت الكثرة على أعداء الله. ولما عرف ملك الألمان ما جرى عليه وعلى أصحابه من اليزك الذي هو شرذمة من العسكر وهو جزء من كل، رأى أن يرجع إلى قتال البلد ويشتغل بمضايقته، فاتخذ من الآلات العجيبة والصنائع الغريبة ما هال الناظر إليه من شدة الخوف على البلد، واستشعر اخذ البلد من تلك الآلات وخيف منها عليه، فأحدثوا آلة عظيمة تسمى دبابة