والنشاب حتى لا يترك أحد يصل إليهم إلا بالنشاب فإنه كان يظهر إليهم كالجراد وخيالتهم يسيرون في وسطهم بحيث لم يظهر منهم أحد في ذلك اليوم أصلاً والكؤسات تخفق والبوقات تنعر والأصوات بالتهليل والتكبير تعلو، هذا والسلطان يمد الجاليش بالأطلاب
والعساكر التي عنده حتى لم يبق معه إلا نفر يسير ونحن نشاهد الأحوال وعَلَم العدو مرتفع على عجلة هو مغروس فيها وهي تسحب بالبغال وهم يذبون عن العلم وهو عال جداً كالمنارة خرقته بياض ملمع بأحمر على شكل الصلبان ولم يزالوا سائرين على هذا الوجه حتى وصلوا وقت الظهر قبالة جسر دعوق وقد ألجمهم العطش وأخذ منهم التعب وأثخنهم الجراح واشتد الأمر بهم من شدة الحر. ولقد قاتل المسلمون في ذلك اليوم قتالاً شديداً وأعطوا الجهاد حقه وهجموا عليهم هجوماً عظيماً واستداروا بهم كالحلقة وهم لا يظهرون من رجالتهم ولا يحملون فكان الفعل معظمه للحلقة في ذلك اليوم فإنهم أذاقوهم طعم الموت وجرح منهم جماعة كأبار الطويل فإنه قام في تلك الحرب العظيمة أعظم مقام وجرح جراحات متعددة وهو مستمر على القتال وجراح سيف الدين يازكوج جراحات متعددة وهو من فرسان الإسلام وشجعانه وله مقامات متعددة وجرح خلق كثير ولم تزل الناس حولهم حتى نزلوا ظهر نهار ذلك اليوم عند جسر دعوق وقطعوا الجسر وأخربوه خوفاً من عبور الناس إليهم ورجع السلطان إلى تل الخروبة وأقام عليه يزكاً يحرسهم وأخبارهم تتواتر حتى الصباح وعزم في تلك الليلة على كبس بقيتهم وكتب إلى البلد يعرفهم ذلك حتى يخرجوهم من ذلك الجانب فلم يصل من أهل البلد كتاب فرجع عن ذلك العزم بسبب تأخر الكتاب، ولما كان صباح يوم الخميس رابع عشر الشهر وصل من أخبر أن العدو على حركة الرحيل فركب السلطان ورتب الأطلاب وكف الناس عن القتال خشية أن يغتالوا فإن العدو كان قد قرب من خيمه وأداروا الأطلاب في الجانب الشرقي من النهر تسير قبالة العدو حتى وصلوا إلى خيمه، وكان ممن خرج من مقدميهم في هذه السرية الكندهري والمركيس وتخلف ابن ملك الألمان في الخيم مع جمع كثير منهم، ولما دخل العدو إلى خيمهم كان لهم فيها أطلاب مستريحة فخرجت إلى اليزك الإسلامي وحملت عليه ونشب القتال بين اليزك وبينهم وجرى قتال عظيم قتل فيه من العدو وجرح خلق عظيم وقتل من المسلمين ثلاثة نفر وقتل من العدو شخص كبير فيهم مقدم عليهم وكان على حصان عظيم ملبس بالزرد إلى حافره وكان عليه لباس لم ير مثله وطلبوه من السلطان بعد انفصال الحرب فدفع إليهم جثته وطلب رأسه فلم يوجد وعاد السلطان إلى مخيمه وأعاد الثقل إلى مكانه وعاد كل قوم إلى منزلتهم وعاد عماد الدين وقد أقلعت حماة وبقي الثبات مزاج السلطان وقد كان سبب سلامة هذه الطائفة مع كونه لا يقدر على مباشرة الأمر بنفسه ولقد رأيته وهو يبكي في حال الحرب كيف لم يقدر على مخالطته ورأيته وهو يأمر أولاده واحد بعد واحد بمكافحة الأمر ومخالطة الحرب، ولقد سمعت منه وقائل يقول إن الوخم قد عظم في مرج عكا بحيث أن الموت قد كثر في الطائفتين ينشد متمثلاً: كر التي عنده حتى لم يبق معه إلا نفر يسير ونحن نشاهد الأحوال وعَلَم العدو مرتفع على عجلة هو مغروس فيها وهي تسحب بالبغال وهم يذبون عن العلم وهو عال جداً كالمنارة خرقته بياض ملمع بأحمر على شكل الصلبان ولم يزالوا سائرين على هذا الوجه حتى وصلوا وقت الظهر قبالة جسر دعوق وقد ألجمهم العطش وأخذ منهم التعب وأثخنهم الجراح واشتد الأمر بهم من شدة الحر. ولقد قاتل المسلمون في ذلك اليوم قتالاً شديداً وأعطوا الجهاد حقه وهجموا عليهم هجوماً عظيماً واستداروا بهم كالحلقة وهم لا يظهرون من رجالتهم ولا يحملون فكان الفعل معظمه للحلقة في ذلك اليوم فإنهم أذاقوهم طعم الموت وجرح منهم جماعة كأبار الطويل فإنه قام في تلك الحرب العظيمة أعظم مقام وجرح جراحات متعددة وهو مستمر على القتال وجراح سيف الدين يازكوج جراحات متعددة وهو من فرسان الإسلام وشجعانه وله مقامات متعددة وجرح خلق كثير ولم تزل الناس حولهم حتى نزلوا ظهر نهار ذلك اليوم عند جسر دعوق وقطعوا الجسر وأخربوه خوفاً من عبور الناس إليهم ورجع السلطان إلى تل الخروبة وأقام عليه يزكاً يحرسهم وأخبارهم تتواتر حتى الصباح وعزم في تلك الليلة على كبس بقيتهم