ولما كان مستهل شعبان اشتعلت نيران العدو في سحر ذلك اليوم وعادتهم أنهم إذا أرادوا الرحيل أشعلوا نيرانهم وأخبر اليزك بحركاتهم فأمر السلطان الثقل أن يرفع حتى يبقى الناس على ظهر ففعل الناس ذلك وهلك من الناس قماش كثير وحوائج كثيرة من السوقة لم تكن معهم خيل ولا ظهر يحمل جميع ما عندهم لأن كل إنسان كان يحصل ما يحتاج إليه في أشهر وكل واحد من السوقة عنده ما ينفذ من منزل إلى منزل في مرار متعددة لكن هذا المنزل لم يمكن أن يتخلف فيه أحد لقربه من الإفرنج الذين بعكا والخوف منهم، ولما أن علا النهار شرع العدو في السير على جانب البحر وتفرقوا قطعاً كثيرة كل قطعة تحمي عن نفسها وقوّى السلطان اليزك وأنفذ معظم العساكر قبالتهم فمضوا وقاتلوهم قتالاً شديداً وأنفذ ولده الملك الأفضل يخبر أنه قطع طائفة منهم عن الموافقة ولقد نازلناهم بالقتال ولو قوينا لأخذناهم فسير السلطان خلقاً عظيماً من العسكر وسار هو بنفسه وأنا في خدمته حتى أتى أوائل الرمل فلقينا الملك العادل فأخبر أخاه أن تلك الطائفة قد التجأت بالطائفة الأولى ومعظم القوم قد عبروا نهر حيفا وقد نزلوا والباقون قد لحقوا بهم وليس للمسير وراءهم حاصل إلا إتعاب العسكر وضياع النشاب لا غير فتراجع السلطان عن القوم لما تحقق ذلك وأمر طائفة من العسكر أن تسير وراء الثقل تلحق ضعيفهم بقويهم وتكف عنهم أن يلحق بهم من العدو والطماعة وسار هو حتى وصل إلى القيمون