وحزرتهم أنا بستمائة ألف أو قال عكس ذلك قلت فكم هلك منهم فقال أما بالقتل فقريب من مائة ألف وأما بالموت والغرق فلا نعلم وما رجع من هذا العالم إلا الأقل.
وكان لا بد له من أن يطوف حول العدو في كل يوم مرة أو مرتين إذا كنا قريباً منهم. ولقد وصل في ليلة واحدة منهم نيف وسبعون مركباً على عكا وأنا أعدها من بعد صلاة العصر إلى غروب الشمس وهو لا يزداد إلا قوة نفس.
وكان رحمه الله تعالى إذا اشتد الحرب يطوف بين الصفين ومعه صبي واحد على يده جنيب ويخرق العساكر من الميمنة إلى الميسرة ويرتب الأطلاب ويأمرهم بالتقدم والوقوف في مواضع يراها. وكان يشارف العدو ويجاوره رحمه الله. ولقد قرئ عليه جزآن من الحديث بين الصفين وذلك أني قلت له قد سمع الحديث في جميع المواطن الشريفة ولم ينقل أنه سمع بين الصفين فإن رأى المولى أن يؤثر عنه ذلك كان حسناً فأذن في ذلك فأحضر جزءه كما أحضر من له به سماع فقرأ عليه ونحن على ظهور الدواب بين الصفين نمشي تارة ونقف أخرى.
وما رأيته استكثر العدو أصلاً ولا استعظم أمرهم قط وكان مع ذلك في حال التفكر والتدبير تذكر بين يديه الأقسام كلها ويرتب على كل قسم بمقتضاه من غبر حدة ولا غضب يعتريه. ولقد انهزم المسلمون في يوم المصاف الأكبر بمرج عكا حتى القلب ورجاله ووقع الكؤس والعلم وهو رضي الله عنه ثابت القدم في نفر