من التبن والشعير في الأهراء السلطانية، وأمر من كان فيها من المقيمين بالانتقال إلى المواضع العامرة، وما كان بقي في المكانين إلا نفر يسير، وظل الناس يخربون إلى أن أمسى المساء، ثم عاد إلى خيمته وأصبح رابع رمضان فأقام الحجارين في المكانين ورتب عليهم من يستنجزهم في ذلك، وهو يتردد عليهم في الأصائل، حتى جاء وقت المغرب فمد الطعام وأفطر الناس وانفصلوا إلى خيمهم، ووقع له أن يسير خفية في نفر يسير يشاهد أحوال القدس. فسار من أول الليل، حتى أتى بيت نوبة، فبات فيها حتى أتى الصباح وصلّى ثم سار حتى أتى القدس في خامس الشهر، وخلف أخاه في العسكر يحث الناس على الخراب، وأقام ذلك اليوم يتصفح أحوال القدس في عمارته وميرته وعدته ورجاله وغير ذلك، وظفر في ذلك غلمان الطواشي قايماظ بنفر من النصارى ومعهم كتب قد كتبها الوالي إلى السلطان قريبة التاريخ يذكر فيها أعواز البلد الغلة والعدة والرجال، فوقف على الكتب وضربت رقاب كل من كان معهم، وما زال يتصفح أحوال المكان ويأمر بسد خلله إلى الثامن وخرج سائراً إلى العسكر بعد صلاة الظهر فبات في بيت نوبة. وفي هذا اليوم وصل عز الدين قيصر شاه صاحب ملطية ابن قليج أرسلان وافداً عليه مستنصراً به على أخوته وأبيه، فإنهم كانوا يقصدون أخذ بلدة منه فلقيه الملك العادل قاطع لد فاحترمه وأكرمه، ثم لقيه الملك الأفضل وضربت خيمته قريباً من لد. وفي ذلك اليوم خرج من العدو الحشاشة فحمل عليهم اليزك، ووصل الخبر إلى عسكرهم فخرج إلى نصرتهم خيالة وجرى بينهم وبين اليزك قتال، وذكر بعض الأسرى أنه كان معهم الأنكتار وأن مسلما قصد طعنه فحال بينه وبينه إفرنجي فقتل الإفرنج وجرح هو هكذا ذكروا والله أعلم.