فلم يشك الناس في أخذ البلد في هذا اليوم، هذا وأمر العدو في ازدياد وكان الملك قد توجه من عكا إلى بيروت وهذا الذي حمل السلطان على نزوله على يافا ثم انفصل ذلك اليوم عن قتال شديد قد ضرس العدو منه وظهر من العدو من الشدة والحمية والذب والمنعة ما أضعف قلوب الناس، هذا والنقابون قد تمكنوا من النقب عليهم فما قارب الفراغ أخذ العدو في خسف النقب عليهم فخسفوه في مواضع عدة وخاف النقابون وخرج منهم جماعة وفتر الناس عن القتال وعلموا أن أمر البلد مشكل وأنه يحتاج إلى زيادة عمل في أخذه فعزم السلطان عزم مثله فأمر النقابين أن يأخذوا النقب في بقية البدنة من الرج إلى الباب وأمر المنجنيقات أن تضرب قبالة البدنة المنقوبة ففعلوا ذلك وأقام السلطان في تلك الليلة هناك إلى أن مضى من الليل ثلثه وعاد إلى الثقل وكان الثقل بعيداً عن البلد على تل قبالته وأصبحت المنجنيقات قد أقيم منها اثنان وأقيم الثالث في بقية النهار وأصبح السلطان على القتال والزحف فلم يجد من الناس إلا الفتور بسبب نصب المنجنيقات ظناً منهم أن المنجنيق لا يعمل إلا بعد أيام. ولما علم السلطان من الناس الفتور والتواكل حملهم على الزحف فالتحم القتال وتشتد الأمر وأذاقوا العدو مر الحرب فأشرف البلد على الأخذ واتفقت النفوس وطمعت في ذلك طمعاً شديداً وضعف العدو إلا أنه جرح من المسلمين جماعة من بالنشاب والزنبورك من البلد. ولما رأى العدو المخذول ما حل به أرسل رسولين نصرانياً وإفرنجياً يطلبان الصلح ويتحدثان فيه فطلب السلطان منهم قاعدة القدس وقطيعته