فخافوا أن يمتنعوا فيؤخذوا ويقتلوا فخرج من خرج ثم بعد ذلك قربت النجدة حتى صاروا خمسة وثلاثين مركباً فقويت نفوس الباقين في الحصن وظهرت عليهم أمارات العصيان ودلائله وخرج منهم من أجبرني بتشويش عزمهم وأخذا الطارقيات والجنوبيات وعلوا على الأسوار وكانت القلعة جديدة لم تشرف بعد فلما رأيت الأمر قد آل إلى ذلك نزلت من التل الذي كنت واقفاً عليه وهو ملاصق لباب القلعة وقلت لعز الدين جرديك وهو مع عسكره في الأسفل مع جمع من الأجناد خذوا حذركم فقد تغيرت عزائم القوم فما كانت إلا ساعة بحيث صرت خارج البلد في خدمة الملك الظاهر إلا وقد ركب القوم خيلهم وحملوا من القلعة حملة الرجل الواحد وأخرجوا من كان في البلد من الأجناد ولقد ازدحم الناس في الباب حتى كاد يتلف منهم جماعة وبقي في بعض الكنائس جماعة من أتباع العساكر مشتغلين بما لا يجوز فهجموا عليهم وقتلوا منهم وأسوا وسيرني الملك الظاهر إلى والده السلطان أعرفه بالحال فأمر الجاويش أن ينادي في العسكر وضرب الكؤوس للقتال ونفر الناس من كل جانب للغزاة وهجموا البلد وحشر العدو في القلعة فأيقنوا بالبوار واستبطأوا نزول النجدة إليهم وخافوا خوفاً عظيماً فأرسلوا بطركهم والقسطلان رسولان إلى السلطان يعتذران إليه مما جرى ويسألان القاعدة الأولى فخرجا إلى السلطان والقتال يشتد عليهم وكان سبب انقطاع النجدة أنهم رأوا البلد مشحوناً ببيارق المسلمين ورجالهم فخافوا أن تكون القلعة قد أخذت وكان البحر يمنع من سماع الصوت من كل جانب لكثرة الضجيج والتهليل. فلما رأى من في القلعة شدة الزحف عليهم وامتناع النجدة من النزول مع كثرتها فإنها بلغت نيفاً وخمسين