توجه الملك الظاهر عز نصره بعد أن ودعه ونزل إلى الصخرة فصلى عندها وسأل الله تعالى ما شاء ثم ركب وركبت في خدمته فقال لي قد تذكرت أمراً أحتاج فيه إلى مراجعة السلطان مشافية فأنفذ من استأذن له العود إلى خدمته فأذن له في ذلك فحضر واستحضرني وأخلى المكان ثم قال له: أوصيك بتقوى الله تعالى فإنها رأس كل خير وآمرك بما أمر الله به فإنه سبب نجاتك وأحذرك من الدماء والدخول فيها والتقلد بها فإن الدم لا ينام وأوصيك بحفظ قلوب الرعية والنظر في أحوالهم فأنت أميني وأمين الله عليهم وأوصيك بحفظ قلوب الأمراء وأرباب الدولة والأكابر فما بلغت ما بلغت إلا بمداراة الناس ولا تحقد على أحد فإن الموت لا يبقي على أحد واحذر ما بينك وبين الناس فإنه لا يغفر إلا برضاهم وما بينك وبين الله يغفره الله بتوبتك إليه فإنه كريم. وكان ذلك بعد انصرفنا من خدمته ومضى من الليل ما شاء الله إن يمضي وهذا ما أمكنني حكايته وضبطه ولم يزل بين يديه إلى قريب السحر ثم أذن له في الانصراف ونهض ليودعه فقبل وجهه ومسح رأسه وانصرف في دعة الله ونام في برج الخشب الذي للسلطان وكنا نجلس عنده في الأحياء إلى بكرة وانصرفت في خدمته إلى بعض الطريق وودعته وسار في حفظ الله.
ثم سير الملك الأفضل ثقله وأقام يراجع السلطان على لساني في أشغال كانت له حتى دخل في شوال أربعة أيام وسار في ليلة الخامس منه نصف الليل عن تعتب عليه جريدة على طريق الغور.