وكان الملك المظفر شجاعاً شديد البأس ركناً عظيماً من أركان البيت الأيوبي وكان عنده فضل وأدب وله شعر حسن واتفق في ليلة الجمعة التي توفي فيها الملك المظفر أن توفي حسام الدين بن محمد بن لاجين وأمه ست الشام بنت أيوب أخت السلطان فأصيب السلطان في تاريخ واحد بابن أخيه وابن أخته.
ولما مات الملك المظفر راسل ابنه الملك المنصور السلطان واشترط شروطاً نسبه السلطان فيها إلى العصيان وكاد أمره يضمحل بالكلية فراسل الملك المنصور عمه الملك العادل في استعطاف خاطر السلطان فما برح العادل بأخيه السلطان يراجع ويشفع في الملك المنصور حتى أجابه السلطان وقرر للملك المنصور حماة وسلمية والمعرة ومنبج وقلعة نجم وارتجع السلطان البلاد الشرقية وما معها وأقطعها أخاه العادل بعد أن شرط السلطان أن العادل ينزل عن كل ماله من الإقطاع بالشام خلا الكرك والشوبك والصلت والبلقاء ونصف خاصه بمصر وأن يكون عليه في كل سنة ستة آلاف غرارة تحمل من الصلت والبلقاء إلى القدس ولما استقر ذلك سار الملك العادل إلى البلاد الشرقية لتقرير أمورها وعاد إلى خدمة السلطان في آخر جمادى الآخرة من السنة القابلة أعني سنة ثمان وثمانين ولما قدم الملك العادل على السلطان كان الملك المنصور صاحب حماة صحبته فلما رأى السلطان الملك المنصور نهض واعتنقه وغشيه البكاء وأكرمه وأنزله في مقدمة العسكر.
ذكر غير ذلك من الحوادث
في هذه السنة في شعبان قتل قزل أرسلان واسمه عثمان بن الدكز وهو الذي ملك أذربيجان وهمذان وأصفهان والري بعد أخيه محمد بن البهلوان وكان قد قوي عليه السلطان طغريل السلجوقي وهزم عسكر بغداد كما تقدم ذكره، ثم إن قزل أرسلان تغلب واعتقل السلطان طغريل في بعض البلاد وسار قزل أرسلان بعد ذلك إلى أصفهان وتعصب على الشفعوية وأخذ جماعة من أعيانهم فصلبهم وعاد إلى همذان وخطب لنفسه بالسلطنة ودخل لينام على فراشه وتفرق عنه أصحابه فدخل إليه من قتله على فراشه ولم يعلم قاتله.