كمشتكين والملك الصالح حتى تستقر قاعدة يصل عليها إليهم، ووصل كمشتكين إليه، وجرت مراجعات كثيرة، وعزم فيها إلى العود مراراً حتى استقرّ اجتماعه بالملك الصالح وسمحوا به، وسار ووصل حلب، وخرج الملك الصالح إلى لقائه بنفسه، فالتقاه قريب القلعة واعتنقه وضمه إليه وبكى، ثم أمره بالعود إلى القلعة، فعاد إليها وسار هو حتى نزل بعين المباركة، وأقام بها مدّة، وعسكر حلب يخرج إلى خدمته في كل يوم، وصعد القلعة جريدة وأكل فيها خبزاً، ونزل وسار راحلاً إلى تل السلطان ومعه الديار البكرية وجمع كثير، والسلطان قد أنفد في طلب العساكر من مصر وهو يترقب وصولها، وهؤلاء يتأخرون في أمورهم وتدبيرهم وهم لا يشعرون أنّ في التأخير تدبيرا، حتى وصل عسكر مصر، فسار رحمه الله حتى أتى قرون حماة، فبلغهم أنه قارب عسكره، فأخرجوا اليزك وجهزوا من يكشف الأخبار، فوجدوه قد وصل جريدة إلى جناب التركمان، وتفرق عسكره يسقي، فلو أراد الله نصرتهم لقصدوه في تلك الساعة، ولكن ليقضي الله أمراً كان مفعولا، فصبروا عليه حتى سقى خيله هو وعسكره، واجتمعوا وتعبّوا تعبية القتال، وأصبح القوم على مصاف، وذلك في بكرة الخميس العاشر من شوّال سنة إحدى وسبعين، فالتقى العسكران، وتصادما، وجرى قتال عظيم، وانكسرت ميسرة السلطان بابن زين الدين مظفّر الدين فإنه كان في ميمنة سيف الدين، وحمل السلطان عليه بنفسه، فانكسر القوم واسر منهم جمعاً عظيماً من كبار الأمراء منهم فخر الدين عبد المسيح، فمنّ عليهم وأطلقهم، وعاد سيف الدين إلى حلب المحروسة، فأخذ منها خزانة، وسار حتى عبر الفرات، وعاد إلى بلاده،