الحمدُ لله الذي جعلنا مِن خَدَمَةِ سُنة خاتَمِ النبيين، والصلاة والسلامُ على رسولنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: فخلالَ إعداد رسالةِ الدكتوراه "فهم السنة عند الصحابة"(١) راجعتُ كتابَ "الإجابة" للزركشي عِدَّة مرات، لأن هذا الكتابَ له مزيتانِ:
الأولى: أنه يُقدِّمُ لنا أمثلةَ نقد متن الحديث في عهدِ الصحابة، خاصةً في فهم السيدة عائشة ﵂.
الثانية: أن هذا الكتاب يُعد أنموذجًا أصيلًا في نقد الحديث النبوي من جهة المتن، لأن الزركشي قد ألّفه في القرن الثامن الهجري.
ولكني أثناء هذه المراجعات، رأيتُ في النسخة المطبوعة التي نشرها الأستاذُ سعيد الأفغاني ﵀(١٩٣٩) أخطاءَ كثيرةً في الأسانيد والمتون، كما وجدتُ فيها بياضات ومشكلات متروكة دون حلٍّ. وقد طبع مرات فيما بعد، وها هي ذي الطبعة الرابعة المصورة في سنة ١٩٨٥ مليئة بالأخطاء نفسها الواردة في الطبعة الأولى. وكانت النسخةُ المطبوعة بحالتها هذه تحتاج إلى خدمة علمية، ولكنها كانت نشرت عن نسخةٍ وحيدةٍ موجودة في المكتبة الظاهرية بدمشق الشام فقط.
ولهذا نويتُ أن أكونَ خادِمَ هذا الكتاب القيم، فبدأت بتدريسه
(١) طبع في أنقرة سنة ١٩٩٩، وط. الثانية سنة ٢٠٠٠ باللغة التركية، ٤٩٤ ص.