للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٢ - قالت: قال رسول الله : ولد الزنى شَرُّ الثلاثة إذا عَمِلَ بعمل أبويه". وقال البيهقي: ليس بالقوي، وقد روى مثله بإسناد ضعيف من حديث ابن عباس ثم قال: وإنما يروى هذا الكلامُ على الخبر من قول سفيان الثوري فنقله بسنده ومتنه (١).

فهذه الرواية الأخيرة - مع ضعفها - دليل على أن هذا تأويلٌ واضح، إما من السيدة عائشة، وإما من سفيان الثوري، دخل إلى المتن وليس من حديث رسول الله ، والأول هو أشبه بالصواب، والله أعلم.

[د - عرضها الحديث على عقلها ورأيها]

إذا جاءت الرواية مخالفةً لصريح العقل، أو موجباتِ العقول بحيث لا يقبلُ التأويل، ويلحق به ما يدفعه الحِسُّ والمشاهدة، فيعلم بطلانها ويُردُّ. لأن الشرع إنما يرد بمجوزات العقول، وأما بخلاف العقول فلا، وأن النبي لا يقول إلا الحق والمعقول.

ولذلك كانت أم المؤمنين عائشةُ تعرض الروايات والفتاوى على مقياس العقل حين ترى أنها معارضةٌ لعقلها، ولا يُتوقع أن يقوله النبيُّ فتردها فورًا، ونرى أنها تستعملُ في إنكارها أسلوبًا لامزًا وهي تعتمدُ على علمها بأحوالِ النبي وبما يُمكن أن يقوله أو لا يقوله. وهكذا ردت رواية أبي هريرة: "مَنْ غَسَّلَ ميتًا، اغتسل، ومن حمله توضأ" بقولها: "أو نجس موتى المسلمين؟! وما على رجل لو حَمَلَ عودًا؟! " (٢).


(١) السنن للبيهقي، ١٠/ ٥٨.
(٢) انظر استدراكها على أبي هريرة (الحديث السابع) من هذا الكتاب.