للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مما يتمم هذا المعنى ما جاء في الحديث الآخر الذي رواه البخاري: أن رجلًا سقى كلبًا، فشكر الله له، فغفر له (١). وأن امرأة بغيًا سقت كلبًا، فغفر الله لها (٢).

على أن أبا هريرة لم ينفرد برواية هذا الحديث، حتى يُظَنَّ أنه لم يضبط ألفاظه، كيف وهو أحفظ الصحابة على الإطلاق؟

فقد روى أحمد والبخاري ومسلم عن ابن عمر عنه ، قال: "عُذِّبَتِ امرأةٌ في هرة! حبستها حتى ماتت جوعًا، فدخلت فيها النار، قال الله: لا أنت أطعمتيها، ولا سقيتيها حين حبستيها، ولا أنت أرسلتيها، فأكَلَتْ مِن خشاش الأرض" (٣).

ورواه الإمامُ أحمد عن جابر عنه قال: "عُذِّبت امرأة في هر ربطته حتى مات، ولم ترسله فيأكل من خشاشِ الأرض" (٤).

فلم ينفرد أبو هريرة برواية الحديث، ولو أنه انفرد ما ضره ذلك شيئًا (٥).

[هـ - عرضها الحديث على اللغة والمنطق]

ومن مقاييس نقد الحديث في منهج السيدة عائشة هي عرض الرواية على قواعد اللغة والمنطق بفهمها الواعي، وبمعرفتها العميقة مقصود النبي من حديثه.


(١) أخرجه البخاري (٢٤٦٦) و (٦٠٠٩) ومسلم (٥٨٥٩).
(٢) أخرجه البخاري (٣٤٦٧) ومسلم (٥٨٦١) ولفظهما: إذ رأته بغي من بغايا بني إسرائيل.
(٣) أخرجه البخاري (٢٣٦٤) و (٣٤٨٢) ومسلم (٦٦٧٥) و (٥٨٥٢) و (٥٨٥٥) وأحمد (٢٦٩٦٣).
(٤) أخرجه أحمد (١٤٦٠٢).
(٥) كيف نتعامل مع السنة النبوية، للقرضاوي، ص ٤٧.