للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فحازت من ذلك علمًا كثيرًا، ثم انتقلت إلى بيتِ الرسول ومهبطِ الوحي، فكانت أقربَ الناس مِن معين العلم، فغرفت منه ما لم يتيسَّرْ لأحدٍ غيرها، لمكانها منه زوجة، ولما تفردت به مِن ذكاء نادر ذكاء نادر، وفكر واسع (١).

نعم، لقد كانت سيدتُنا عائشة أنموذجًا حسنًا للمسلمات كما كان الرسول أسوة حسنةً للمسلمين والمسلمات جميعًا. وقد تجِدُ كُلُّ مسلمة في حياة أم المؤمنين منذ طفولتها إلى وفاتها دروسًا عديدة مفيدة، وإذا ما تأملنا حياتَها، فسنجد أنها تنقسم إلى أربعة مراحل كما يلي:

[أ - عائشة بنت أبي بكر الصديق]

وُلِدَتْ عائشةُ في السنواتِ الأولى مِن الرسالة وهي ابنةُ مسلميْن مِن السابقين، ونشأت في تلك الأُسرة المسلمة، وتعلمت الشعر والأدب وعلمَ النسب والتاريخَ مِن أبيها كما تعلمتْ مِن النبيِّ الذي هو أقربُ صديقٍ من أبيها أبي بكر وزائر بيتهم كل يوم مرة أو مرتين كما تقولُ عائشة:

"لم أعقل أبوي قطُّ إلا وهما يدينان الدين ولم يمرَّ علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول الله طرفي النهار بكرة وعشية" (٢).

ب - عائشة حبيبةُ رسولِ الله -:

وقد انتقلت عائشةُ مِن بيت الصدِّيق إلى بيت الرسول وهي بنتُ تسعة اكتملت تطوراتُها العلمية والشخصية فيه بدراسة الكتاب والحكمة، كذلك


(١) من مقدمة الأفغاني على الإجابة، ص ٤.
(٢) أخرجه البخاري بأرقام (٤٧٦، ٢١٣٨، ٢٢٩٧، ٣٩٠٥،٦٠٧٩)، وعبد الرزاق (٩٧٤٣) والإمام أحمد في المسند (٢٥٧٧٤) و (٢٥٦٢٦) وفيه تمام تخريجه.