للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أمر المسلمين. وفي سنة (٣٦) ظهرت وقعةُ الجمل بينَها وبينَ علي، فغُلِبَتْ ورجَعَتْ إلى المدينةِ المنورة. ثم نَدِمَتْ عائشة بسبب خُروجها، ورجحت تدريسَ الناس في المدينة (١).

هذه الحركة - وإن انتهت بالمغلوبية، لها أهمية كبيرة بالنسبة للنساء، لأن عائشة كانت زعيمةً لآلاف الرجالِ بينهم بعضُ كبار الصحابة كطلحة والزبير، فيبدو من هذه الحركة أن امرأةً مسلمة قد تتولى بعضَ الأمور الاجتماعية والسياسية مثل أم المؤمنين عائشة .

[د - عائشة عالمة حكيمة]

قال سعيد الأفغاني في مقدمته على "الإجابة" وهو يتناول علم عائشة:

"وبعد انتقال النبي ، كان عِلْمُ عائشةَ قد بلغ ذورةَ الإحاطَةِ والنُّضج، في كل ما اتَّصلَ بالدين مِن قرآن وحديثٍ وتفسيرٍ وفقهٍ. . . ومع حمل الأصحاب إلى الأمصار طائفةً صالحة من الأحاديث والأحكام حتى كانوا ثمَّةَ مرجِعَ طلابِ العلم ورُواةِ الحديث، بقيتِ المدينةُ - لأسباب أهمها وجودُ عائشةَ - دارَ الحديث، ومنبعَ العلم.

فحين يُشْكِلُ على أهل الأمصار أمرٌ مِن الأمور، يكتبون إلى أصحابِ رسولِ الله في الحجاز يسألونهم عن حُكم الله فيه، فكان هؤلاءِ إذا فاتهم علمُ شيءٍ، رجعوا إلى عُلماء بينَهم اشتهروا بحملِ العلمِ وفقهه، كعبد الله بن عمر، وأبي هُريرة وعبدِ الله بن عمرو، وعُروة، وعبد الله ابني الزبير … تُروى عنهم الأحاديثُ وتُنشر الأحكامُ، حتى صاروا مقصدَ الرواد.


(١) راجع لتفصيلات هذه الأمور "عائشة والسياسة" لسعيد الأفغاني. ط. الثانية ١٩٥٧ بالقاهرة.