اشتهرت السيدةُ عائشة بردودها وانتقاداتها واستدراكاتِها على معاصريها من الصحابة والتابعين متى وجدت أيَّ خطأ أو وهم أو سهوٍ في رواياتهم مِن جهة الضبط، أو من جهة الفهم أو التأويل. وكانت تُصحح هذه الأخطاء معتمدةً على حفظها أو رأيها.
واستدراكاتُها هذه مبثوثة في كتب الحديث والسنة، وقد نبه إليها بعضُ العلماء، واهتموا بجمعها. وكما بيّن الحافظ ابن حجر، فإن أول من ألّف في هذا الموضوع هو: أبو منصور البغدادي المتوفى سنة ٤٨٩ هـ، فأورد في مصنفه خمسة وعشرين حديثًا، اقتصرَ فيه على سوقِ الأحاديث بأسانيده إلى شيوخه، دونَ أن يعزو التخريج إلى أحد، وسماها بـ "رد العقول الطائشة بذكر ما استدركته عائشة" كما هو مذكورٌ في ملحق على غلاف نسخة إستانبول للإجابة. والمخطوط هذا يوجد في مكتبة سعدية بحيدر آباد بقسم الحديث برقم ٣٦٠ (١).
وجاء الزركشيُّ فنقل عن أبي منصور البغدادي، وزاد عليه، وبَيَّنَ غامضه، واستعان بتخريجات السابقين لأحاديثه، وعزاها لأصحابها، كما صرح بذلك في مواضع متعددة من الإجابة، وفي بعضها سمَّى كتابه باختصار، فقال: قال أبو منصور البغدادي في استدراكه، ونراه أحيانًا ينقل ثم يرمج نقلَه ويثبتُ الحديث مِن طريق آخرَ غير طريقه كما سيمر بك.
(١) قد نشرته الدار السلفية بالهند باسم "استدراك أم المؤمنين عائشة".