للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الذهبي في ترجمة عائشة أم المؤمنين: "فروت عنه علمًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه وعن أبيها وعن عمر. . ." ثم قال: ولا أعلم في أمة محمد ، بل ولا في النساء مطلقًا، امرأة أعلم منها (١).

قال سعيد الأفغاني: "ماتت السيدةُ، فعظم الحزنُ على من شغلتْ الناسَ نحوًا من خمسين سنة، تُعلمهم وتهديهم إلى سُنة نبيهم، وتُحيي فيهم سيرته، واجتهدَتْ للمسلمين، وكانت ملجأَ المهتدين والملتجئين والمتعلمين على السواء (٢).

تُوفيت أُمُّ المؤمنين عائشة سنةَ سبع وخمسين أو ثمان وخمسين وعُمْرُها ثلاثٌ وستون سنةً وأشهر، وصلَّى عليها أبو هريرة، وكان خليفةَ مروان على المدينة ودُفِنَتْ بالبقيع ليلًا رحمها الله تعالى (٣).

[٢ - مقاييس عائشة في نقد الحديث ومدى صحته]

نلاحظ من كتاب الإجابة للزركشي أن للسيدة عائشة استدراكات كثيرة على بعضِ الصحابة والتابعين. ورتَّب الرزكشيُّ هذه الاستدراكات ترتيبًا على أسماء الرجال، ورتبها السيوطي ترتيبًا فقهيًا. وإذا تتبعنا استدراكاتها نجد أن السيدة استعملتْ بعضَ المقاييس في ردودها أو تصحيحاتها. وخلصنا بعدَ دراسة مقاييسها في نقد الحديثِ إلى أن نقدها يتشكَّل مِن عرضها على صريح القرآن، أو السنة، أو الحديث، أو عرضها على عقلها ورأيها، أو عرضها على الواقعة التاريخية، ولكن على كلا الترتيبين (الترتيب على أسماء الرجال أو المواضيع الفقهية) لا تتبلور هذه المقاييس في ذهن القارئ. ولذا أردنا دراسة هذا الموضوع


(١) انظر: سير أعلام النبلاء، ٢/ (١٩).
(٢) عائشة والسياسة لسعيد الأفغاني ص ٢٤٨.
(٣) "السير" للذهبي ٢/ (١٩).