باختصار في مقدمة عملنا هذا كي يكون القارئ على بينة منها ولا تضيع بين السطور وخِضَمِّ الأسانيد.
ومن الجدير بالذكر هنا أن هذه الاستدراكات لم تتلق كُلُّها بالقبول لدى بعض العلماء. بل أُجيب عن بعضها، وخُطِّئت السيدة عائشة في جانب منها، كما سنرى في الإجابة أيضًا، ولذلك نودّ هنا أن نناقش مدى صحة نقدِ السيدة، وكيف اعترض عليها بعض العلماء.
ونعتقد أن هذه المقدمة الدراسية المنهجية ستمهد القراء لفهم نصوص الكتاب والتعرف على منهج عائشة في نقدِ الحديث ومقاييسها، وها نحن نوردها على الترتيب المار ذكره موضحين ذلك بذكر بعض الأمثلة وأقوال العلماء بعونه تعالى.
[أ - عرضها الحديث على القرآن]
هذا هو أول مقاييس النقد، وأهمها في تثبيت صحة الأحاديث، إلا أن هذا المقياس ناقشه العلماء مِن المتقدمين والمتأخرين، وهو مستند على عمل النبي ﷺ وتطبيق بعض الصحابة الكبار، والأحاديث المروية في هذا المجال عندَ بعضهم. وقد اعترض بعضهم بأن هذه الروايات ضعيفة جدًّا، إذ الحديث الصحيح لا يخالف القرآن، ولهذا لا حاجة لعرض الحديث الصحيح على القرآن عندهم. ولا نريد أن نسرد هذه الروايات والمناقشات هنا، ولكن لا شك أن هذا المنهج استعمله بعض الصحابة والفقهاء وبعض المحدثين على ما رأينا في مصادرنا.
وإذا نظرنا إلى أقوال هؤلاء الصحابة وأفعالهم وجدناهم هم أول من طبق هذا المعيار حق التطبيق، فإنهم - رضوانُ الله عليهم - كانوا يردون الأحاديث حينما يرون أنها معارضة للقرآن الكريم، والأمثلة على ذلك كثيرة جدًّا.