للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كما رأينا في حديث أخرجه مسلم عن عائشة أمِّ المؤمنين قالت: "قال رسول الله : "أَسْرَعُكُنَّ لُحوقًا بي، أطولُكُن يدًا" قالت: فكن يتطاولن أيَّتُهُنَّ أطول يدًا. قالت: فكانت أطولنا يدًا زينب، لأنها كانت تعمل بيدِها وتصدق" (١).

قال النووي: "معنى الحديث أنهن ظنن أن المراد بطول اليد طول اليد الحقيقية وهي الجارحة فكن يذر عن أيديهن بقصبة فكانت سودة أطولهن جارحة، وكانت زينب أطولهن يدًا في الصدقة وفعل الخير فماتت زينب أولهن فعلموا أن المراد طول اليد في الصدقة والجود. قال أهل اللغة: فلان طويل اليد وطويل الباع إذا كان سمحًا جوادًا (٢).

وكما رأينا في إنكارها على فهم أبي سعيد الخدري أنه لما حضره الموت، دعا بثياب جدد فلبسها ثم قال: "سمعت رسول الله يقول: "إِنَّ الميت يُبْعَثُ في ثيابه التي يموتُ فيها" (٣).

ونقل الزركشي عن أبي الحسين أحمد بن القطان في كتاب أصول الفقه له أنه قال: "إنَّ أبا سعيد فهم من الحديث أن النبي أراد بالثياب الكفن وأن عائشة أنكرت على ذلك وقالت: "يرحم الله أبا سعيد إنما أراد النبي عمله الذي مات عليه، قد قال رسول الله : يُحشر الناسُ حفاة عراة غرلًا" (٤).


(١) أخرجه مسلم (٦٣١٦) والبخاري (١٤٢٠) والنسائي (٢٥٤٢). ووقع هذا الحديث في البخاري (والنسائي أيضًا) بلفظ متعقد يوهم أن أسرعهن لحوقًا سودة، وهذا الوهم باطل بالإجماع. قاله النووي ٩/ ١٦.
(٢) شرح النووي على صحيح مسلم ١٦/ ٨ - ٩.
(٣) أخرجه أبو داود في الجنائز (٣١١٤).
(٤) أخرجه البخاري (٣٣٤٩) ومسلم (٧١٩٨) وأحمد (٢٤٢٦٥) و (٢٤٥٨٨).